للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اتقاتل أحدا فيه، فمن عَدا عليك فقاتلك فقاتِله كما يقاتلك.

* * *

وقرأ ذلك عُظْم قراء الكوفيين:"ولا تَقْتلوهم عند المسجد الحرامَ حتى يَقْتلوكم فيه فإن قَتلوكم فاقتلوهم" بمعنى: ولا تبدأوهم بقتل حتى يبدأوكم به.

* ذكر من قال ذلك:

٣١٠٩ - حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد، عن أبي حماد، عن حمزة الزيات قال: قلت للأعمش: أرأيت قراءتك:"ولا تَقتلوهم عند المسجد الحرام حتى يَقتلوكم فيه فإن قَتلوكم فاقتلوهم كذلك جَزاءُ الكافرين فإن انتهوا فإن الله غفورٌ رَحيم"، إذا قَتلوهم كيف يقتلونهم؟ قال: إن العرب إذا قُتل منهم رجل قالوا:"قُتلنا"، وإذا ضُرب منهم رجل قالوا:"ضربنا" (١) .

* * *

قال أبو جعفر: وأولى هاتين القراءتين بالصواب، قراءةُ من قرأ:"ولا تُقاتلوهم عند المسجد الحرامَ حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم" لأن الله تعالى ذكره لم يأمر نبيَّه صلى الله عليه وسلم وأصحابه في حالٍ = إذا قاتلهم المشركون = بالاستسلام لهم حتى يَقتلوا منهم قتيلا بعد ما أذن لَهُ ولهم بقتالهم، فتكونَ القراءة بالإذن بقتلهم بعد أن يَقتلوا منهم، أولى من القراءة بما اخترنا. وإذا كان ذلك كذلك، فمعلومٌ أنه قد كان تعالى ذكره أذِن لهم بقتالهم إذا كان ابتداء القتال من المشركين قَبل أن يقتلوا منهم قتيلا وبعد أن يقتلوا منهم قتيلا.

وقد نسخ الله تعالى ذكره هذه الآية بقوله:"وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة"،


(١) الخبر: ٣١٠٩- عبد الرحمن بن أبي حماد سكين الكوفي: ترجمه ابن الجزري في طبقات القراء ١: ٣٦٩-٣٧٠، وذكر أنه أخذ القراءة عن حمزة الزيات، "وهو أحد الذين خلفوه في القيام بالقراءة".
وأما شيخه -في هذا الإسناد-"أبو حماد": فلا ندري من هو؟ والظن أنه زيادة خطأ من الناسخين. وهكذا ظن أخي السيد محمود، أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>