للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مجاهد، لأن الآيات قبلها إنما هي أمرٌ من الله للمؤمنين بجهاد عدوهم على صفة، وذلك قوله:"وقاتلوا في سبيل الله الذين يُقاتلونكم" والآيات بعدها، وقوله:"فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه" إنما هو في سياق الآيات التي فيها الأمرُ بالقتال والجهاد، واللهُ جل ثناؤه إنما فرض القتال على المؤمنين بعد الهجرة.

فمعلوم بذلك أن قوله:"فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم" مدنيّ لا مكيّ، إذ كان فرضُ قتال المشركين لم يكن وَجَب على المؤمنين بمكة، وأنّ قوله:"فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم" نظيرُ قوله:"وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم" وأن معناه: فمن اعتدى عليكم في الحَرم فقاتَلكم فاعتدوا عليه بالقتال نحو اعتدائه عليكم بقتاله إياكم، لأني قد جعلتُ الحُرمات قصاصًا، فمن استحلّ منكم أيها المؤمنون من المشركين حُرْمةً في حَرَمي، فاستحلوا منه مثله فيه.

وهذه الآية منسوخة بإذن الله لنبيه بقتال أهل الحرَم ابتداءً في الحرم وقوله: (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً) [سورة التوبة: ٣٦]

* * *

... (١) على نحو ما ذكرنا، من أنه بمعنى: المجازاة وإتباع لفظٍ لفظًا، وإن


(١) وضعت هذه النقط، وفصلت بين قوله: "وقاتلوا المشركين كافة" وقوله: "على نحو ما ذكرنا" لوجود خرم لا شك فيه. فإنه سيقول بعد أسطر: "والآخر: أن يكون بمعنى العدو". فهو بصدد تفسير قوله: "فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم"، من جهة اللغة. ولا صلة بين كلامه في الآية أهي منسوخة أم غير منسوخة. وقوله: "والآخر" دليل على أنه يذكر وجهين من تفسير"اعتدى" أهي من"العدوان"، أم من"العدو". وكأن كلام الطبري في موضع هذا الخرم كان:
[وأما قوله: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) . ففي"الاعتداء" وجهان من التأويل:
أحدهما: أن يكون"الاعتداء" من"العُدْوَان"، وَهوَ مجاوزة الحدّ ظُلْمًا وَبغيًا. ويكون معنى الآية: فمن جاوز حدّه ظُلْمًا وَبغيًا، فقاتلكم في الشهر الحرام فكافِئُوه بمثل ما فعل بكم، على نحو ما ذكرنا من أنه. .]
هذا ما استظهرته من تفسير الطبري فيما سلف ٢: ٣٠٧، وهذا الجزء ٣: ٣٧٥، ٣٧٦، ٥٦٤، ٥٧٣ ثم يبقى خرم قبل ذلك في كلامه عن الآية، منسوخة هي أم غير منسوخة.

<<  <  ج: ص:  >  >>