للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليه وسلم، وعلى أهل الشام فَضالة بن عبيد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج من المدينة صفٌّ عظيم من الروم، قال: وصففنا صفًّا عظيمًا من المسلمين، فحمل رجل من المسلمين على صَفّ الروم حتى دخلَ فيهم، ثم خرج إلينا مقبلا فصاح الناس وقالوا: سبحان الله! ألقى بيده إلى التهلكة! فقام أبو أيوب الأنصاري صاحبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أيها الناس إنكم تتأوّلون هذه الآية على هذا التأويل! وإنما أنزلت هذه الآية فينا معاشر الأنصار! إنا لما أعزّذ الله دينه وكثَّر ناصريه، قلنا فيما بيننا بعضُنا لبعض سرًّا من رسول الله: إن أموالنا قد ضاعت، فلو أنا أقمنا فيها، فأصلحنا ما ضَاع منها! فأنزل الله في كتابه يرُدُّ علينا ما هممنا به، فقال:"وأنفقوا في سبيل الله ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة"، بالإقامة التي أردنا أن نقيم في الأموال ونصلحها، فأمرنا بالغزو. فما زال أبو أيوب غازيًا في سبيل الله حتى قبضَه الله (١) .

* * *


(١) الحديث: ٣١٨٠- أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ: ثقة معروف، من شيوخ أحمد والبخاري، وكان إماما في الحديث، مشهورا في القراءات، أقرأ القرآن بالبصرة ٣٦ سنة، ثم بمكة ٣٥ سنة. وهو مولى آل عمر بن الخطاب. ووهم ابن حزم فيه وهمًا عجيبًا، فأخطأ خطأ طريفا: جعله عربيا حميريا، ثم من"بني سبيع"! ثم نسبه إلى حي زعم أن اسمه"مقر"، بضم الميم وسكون القاف! فقال في جمهرة الأنساب، ص: ٤٠٩"ومن ولد سبيع المذكور: مقر، حي ضخم، إليه ينسب عبد الله بن يزيد المقري (يعني بدون همزة) ، ولم يكن مقرئا للقراءات، وإنما كان محدثا"!! وأخطأ ابن حزم وشبه له، فأتى بقبيلة لم يذكرها أحد قط - فيما نعلم. وإنما انتقل نظره إلى شيء آخر بعيد، إلى"عبد الرحمن بن عبد القاري" بتشديد الياء دون همزة، من ولد"القارة بن الديش". وهو تابعي، ولم يك مقرئا. فإلى هذا ذهب وهمه. ثم لا ندري كيف وضع القبيل الذي اخترعه، في"بني سبيع"!!
ووقع في المطبوعة هنا"ثنا أبو عبد الرحمن عن عبد الله بن يزيد". وهو خطأ في زيادة"عن". و"أبو عبد الرحمن" كنية"عبد الله بن يزيد"، ليس راويا آخر.
والحديث رواه أبو داود الطيالسي في مسنده: ٥٩٩، عن عبد الله بن المبارك، عن حيوة.
ورواه أبو داود السجستاني: ٢٥١٢، من طريق ابن وهب، عن حيوة وابن لهيعة.
ورواه الترمذي ٤: ٧٢-٧٣، من طريق أبي عاصم النبيل، عن حيوة. وقال: "حديث حسن غريب صحيح".
ورواه الحاكم في المستدرك ٢: ٢٧٥، من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، عن حيوة، وحده. وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي.
ورواه ابن عبد الحكم في فتوح مصر: ٢٦٩-٢٧٠، بإسنادين: رواه عن عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد. ورواه عن عبد الله بن يزيد المقرئ، عن حيوة بن شريح - كلاهما عن يزيد بن أبي حبيب، به.
وقوله في الرواية الماضية"غزونا المدينة، يريد القسطنطينية" - هكذا ثبت في المطبوعة هنا. ولفظ أبي داود السجستاني: "غزونا من المدينة، نريد القسطنطينية". ولعل ما هنا أجود وأصح، فإن أسلم أبا عمران مصري. والظاهر من السياق أن الجيش كان من مصر والشام.
وقوله في تلك الرواية: "وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد" يدل على أن هذه الغزوة كانت في سنة ٤٦ أو قبلها، لأن عبد الرحمن مات تلك السنة. وهذه الغزوة غير الغزوة المشهورة التي مات فيها أبو أيوب الأنصاري. وقد غزاها يزيد بن معاوية بعد ذلك سنة ٤٩، ومعه جماعات من سادات الصحابة. ثم غزاها يزيد سنة ٥٢، وهي التي مات فيها أبو أيوب رضي الله عنه، وأوصى إلى يزيد أن يحملوه إذا مات، ويدخلوه أرض العدو، ويدفنوه تحت أقدامهم حيث يلقون العدو. ففعل يزيد ما أوصى به أبو أيوب. وقبره هناك إلى الآن معروف. انظر طبقات ابن سعد ٣/٢/٤٩-٥٠، وتاريخ الطبري ٦: ١٢٨، ١٣٠، وتاريخ ابن كثير ٨: ٣٠-٣١، ٣٢، ٥٨-٥٩. وتاريخ الإسلام للذهبي ٢: ٢٣١، ٣٢٧-٣٢٨.
وقوله في هذه الرواية الثانية"وعلى أهل الشام فضالة بن عبيد" - هذا هو الصواب الثابت في رواية الطيالسي، وابن عبد الحكم، والحاكم. ووقع في رواية الترمذي"وعلى الجماعة فضالة بن عبيد". وهو وهم، لعله من الترمذي أو من شيخه عبد بن حميد.
والحديث ذكره ابن كثير ١: ٤٣٧-٤٣٨، من رواية الليث بن سعد، ولم ينسبها. ثم خرجه من أبي داود، والترمذي، والنسائي، وعبد بن حميد في تفسيره، وابن أبي حاتم، وابن جرير، وابن مردويه، وأبي يعلى، وابن حبان، والحاكم. ثم ذكر رواية منه، على أنها لفظ أبي داود - ولا توافق لفظه، وفيها تحريف كثير.
وذكره السيوطي ١: ٢٠٧-٢٠٨، وزاد نسبته للطبراني، والبيهقي في سننه.

<<  <  ج: ص:  >  >>