للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة" قال: التهلكة عذابُ الله.

* * *

قال أبو جعفر: فيكون ذلك إعلاما منه لهم - بعد أمره إياهم بالنفقة - ما لمن ترك النفقة المفروضة عليه في سبيله، منَ العقوبة في المعاد.

* * *

فإنْ قال قائل: فما وجه إدخال الباء في قوله:"ولا تلقوا بأيديكم"، وقد علمت أن المعروف من كلام العرب:"ألقيت إلى فلان درهما"، دون"ألقيتُ إلى فلان بدرهم"؟

قيل: قد قيل إنها زيدت نحو زيادة القائل"الباء" في قوله:"جذبتُ بالثوب، وجذبت الثوب""وتعلَّقتُ به وتَعلَّقته"، و (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) [سورة المؤمنون: ٢٠] وإنما هو: تُنبت الدهنَ (١) .

* * *

وقال آخرون:"الباء" في قوله:"ولا تُلقوا بأيديكم" أصلٌ للكنية (٢) لأن كل فعل وَاقع كُنِي عنه فهو مضطرٌّ إليها (٣) نحو قولك في رجل"كلَّمته" فأردت الكناية عن فعله، فإذا أردت ذلك قلت:"فعلت به" قالوا: فلما كان"الباء" هي الأصل، جاز إدخال"الباء" وإخراجها في كل"فعلٍ" سبيلُه سبيلُ كُنْيته (٤) .

* * *

وأما"التهلكة" فإنها"التفعُلة" من"الهلاك".

* * *


(١) انظر الإنصاف لابن الأنباري: ١٢٨.
(٢) في المطبوعة: "أصل للكلمة"، وهو تحريف، وانظر التعليقات الآتية.
(٣) الفعل الواقع: هو الفعل المتعدي، ضريع الفعل اللازم. ويقال له أيضًا "الفعل المجاوز" (انظر بغية الوعاة ٢: ٨١) .
(٤) في المطبوعة: "سبيل كلمته"، وهو تحريف كأخيه السالف. وأراد الطبري بالكناية عن الفعل: أن تستبدل به لفظ"فعل". و"الفعل": كناية عن كل عمل. تقول: "ضربت الرجل" ثم تريد الكناية عن الفعل فتقول: "فعلت به"، وهذا الذي تقوله هو"الكنية".

<<  <  ج: ص:  >  >>