منعُ العدوّ، وحبس حابس في سجن، وغلبة غالبٍ حائل بين المحرِم والوصول إلى البيت من سُلطان، أو إنسان قاهرٍ مانع، فإن ذلك إنما تسميه العرب" حصرا" لا" إحصارا".
قالوا: ومما يدل على ذلك قول الله جل ثناؤه: (وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا)[الإسراء: ٨] يعني به: حاصرًا، أي حابسًا.
قالوا: ولو كان حبس القاهر الغالب من غير العلل التي وصفنا، يسمى" إحصارًا" لوجب أن يقال:" قد أُحْصرَ العدوُّ".
قالوا: وفي اجتماع لغات العرب على" حُوصر العدو، والعدوّ محاصر"، دون" أحصر العدو، وهم مُحْصَرون"، و" أحْصِر الرجل" بالعلة من المرض والخوف- أكبر الدلالة على أنّ الله جل ثناؤه إنما عنى بقوله:" فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ " بمرض أو خوف أو علة مانعة.
قالوا: وإنما جعلنا حبس العدو ومنعه المحرم من الوصول إلى البيت بمعنى" حصر المرض" قياسا على ما جعل الله جل ثناؤه من ذلك للمريض الذي منعه المرض من الوصول إلى البيت، لا بدلالة ظاهر قوله:" فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي" إذ كان حبس العدو والسلطان والقاهر علة مانعة، نظيرة العلة المانعة من المرض والكسر.
* * *
وقال آخرون: معنى قوله:" فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي" فإن حبسكم عدو عن الوصول إلى البيت، أو حابس قاهر من بني آدم. قالوا: فأما العلل العارضة في الأبدان كالمرض والجراح وما أشبهها، فإن ذلك غير داخل في قوله:" فإن أحصرتم ".
* ذكر من قال ذلك:
٣٢٣٥ - حدثنا محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد وعطاء، عن ابن عباس أنه قال:" الحصْرُ":