للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن وجد من يبلغها عنه إلى مكة، فإنه يبعث بها مكانه، ويواعد صاحب الهدي. فإذا أمن فعليه أن يحج ويعتمر. فإن أصابه مرض يحبسه وليس معه هدي، فإنه يحل حيث يحبس. وإن كان معه هدي، فلا يحل حتى يبلغ الهدي محله إذا بعث به، وليس عليه أن يحج قابلا ولا يعتمر، إلا أن يشاء.

* * *

وقال أبو جعفر: وعلة من قال هذه المقالة = أن محل الهدايا والبدن الحرم = أن الله عز وجل ذكر البدن والهدايا فقال: (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) [الحج: ٣٢-٣٣] فجعل محلها الحرم، ولا محل للهدي دونه.

قالوا: وأما ما ادعاه المحتجون بنحر النبي صلى الله عليه وسلم هداياه بالحديبية حين صد عن البيت، فليس ذلك بالقول المجتمع عليه، وذلك أن:

٣٣٠٧ - الفضل بن سهل حدثني، قال: حدثنا مخول بن إبراهيم، قال: حدثنا إسرائيل، عن مجزأة بن زاهر الأسلمي، عن أبيه، عن ناجية بن جندب الأسلمي، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم حين صد عن الهدي، فقلت: يا رسول الله ابعث معي بالهدي فلننحره بالحرم! قال: كيف تصنع به؟ قلت: آخذ به أودية فلا يقدرون عليه! فانطلقت به حتى نحرته بالحرم. (١)


(١) الحديث: ٣٣٠٧ -الفضل بن سهل بن إبراهيم الأعرج، شيخ الطبري: أحد الثقات الحفاظ روى عنه الشيخان في الصحيحين. وهو مترجم في التهذيب وابن أبي حاتم ٣/١/٦٣، وتاريخ بغداد ١٢: ٣٦٤-٣٦٥. وتذكرة الحفاظ ٢: ١٢٠.
مخول -بالخاء المعجمة بوزن"محمد"- بن إبراهيم بن مخول بن راشد النهدي الحناط؛ قال الذهبي في الميزان: "رافضي بغيض، صدوق في نفسه". وقال ابن أبي حاتم ٤/١/٣٩٩: "سئل أبي عنه فقال: "هو صدوق" وذكره ابن حبان في الثقات.
إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي. و"مخول" أكثر روايته عن إسرائيل، وقد روى عنه ما لم يرو غيره"، كما قال ابن عدي.
مجزأة بن زاهر: تابعي ثقة، أخرج له الشيخان وغيرهما.
أبوه، زاهر بن أسود بن حجاج بن قيس الأسلمي: صحابي معروف كان ممن بايع تحت الشجرة. ناجية بن جندب الأسلمي: صحابي معروف وكان صاحب بدن رسول اله صلى الله عليه وسلم. وهناك أيضًا "ناجية بن كعب الخزاعي" كان صاحب بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا. وقد خلط بينهما بعض الرواة. وحقق الحافظ في التهذيب والإصابة أن هذا غير ذاك.
والحديث رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار ١: ٤٢٧، عن إبراهيم بن أبي داود عن مخول ابن إبراهيم بهذا الإسناد إلا أنه جعله"عن مجزأة عن ناجية" مباشرة ليس بينهما"عن أبيه". و"مجزأة" يروى عن ناجية. لكن هذا الحديث بعينه ذكره الحافظ في الإصابة في ترجمة ناجية ٦: ٢٢٢- ٢٢٣ أنه رواه ابن مندة"من طريق مجزأة بن زاهر، عن أبيه عن ناجية بن جندب"، ثم ذكر أنه"أخرجه الطحاوي من طريق مخول". فلا أدري: أسقط قوله"عن أبيه" من نسخة الطحاوي؟ أم هو اختلاف رواية؟
وقال الحافظ بعد ذكره رواية ابن مندة: "قال اب مندة: تفرد به مخول بن إبراهيم عن إسرائيل عنه (يعني عن مجزأة) ورواه عنه (يعني عن مخول) أبو حاتم الرازي وغيره. كذا قال وقد أخرجه النسائي من طريق عبيد الله بن موسى عن إسرائيل مثله". ولم أجده في النسائي. فالظاهر أنه في السنن الكبرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>