للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيه نحر الهدي يوم النحر والأيام التي بعده من أيام النحر، فأما قبل ذلك فلم يمكن نحره. قالوا: فإذا كان النحر لم يكن له لازما قبل ذلك، وإنما لزمه يوم النحر، فإنما لزمه الصوم يوم النحر، وذلك حين عدم الهدي فلم يجده، فوجب عليه الصوم. قالوا: وإذا كان ذلك كذلك، فالصوم إنما يلزمه أوله في اليوم الذي يلي يوم النحر. وذلك أن النحر إنما كان لزمه من بعد طلوع الفجر. ومن ذلك الوقت إذا لم يجده، يكون له الصوم. قالوا: وإذا طلع فجر يوم لم يلزمه صومه قبل ذلك، إذا كان الصوم لا يكون في بعض نهار يوم في واجب، علم أن الواجب عليه الصوم من اليوم الذي يليه إلى انقضاء الأيام الثلاثة بعد يوم النحر من أيام التشريق.

قالوا: ولا معنى لقول القائل: إن أيام منى ليست من أيام الحج; لأنهن ينسك فيهن بالرمي والعكوف على عمل الحج، كما ينسك غير ذلك من أعمال الحج في الأيام قبلها. قالوا: هذا مع شهادة الخبر الذي:-

٣٤٧٠ - حدثني به محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: حدثنا يحيى بن سلام أن شعبة حدثه عن ابن أبي ليلى، عن الزهري، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، قال: رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم للمتمتع إذا لم يجد الهدي ولم يصم حتى فاتته أيام العشر، أن يصوم أيام التشريق مكانها. (١)


(١) الحديث: ٣٤٧٠ - يحيى بن سلام البصري نزيل مصر: ثقة، قال ابن أبي حاتم ٤/٢/١٥٥: "سألت أبي عنه؟ فقال: كان شيخا بصريا وقع إلى مصر، وهو صدوق". وله ترجمة جيدة في طبقات علماء إفريقية لأبي العرب، ص: ٣٧- ٣٩ وقال أبو العرب: "كان ثقة ثبتا، لقى غير واحد من التابعين وأكثر من لقى الرجال والحمل عنهم. وله مصنفات كثيرة في فنون العلم، وكان من الحفاظ". وذكر أنه مات بمصر سنة ٢٠٠. وفي لسان الميزان أنه ضعفه الدارقطني. ولكن أهل المغرب أعلم بحال رواتهم وكانت مصر تعتبر من بلاد المغرب.
ابن أبي ليلى: هو عبد الله بن أبي ليلى، وهو ثقة ثبت أخرج له أصحاب الكتب الستة.
والحديث رواه الطحاوي في معاني الآثار ١: ٤٢٧، بهذا الإسناد نفسه: عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم مع شيء من الاختصار في اللفظ.
وأصل معناه ثابت في البخاري ٤: ٢١١، موقوفا. فرواه عن محمد بن بشار عن غندر عن شعبة: "سمعت عبد الله بن عيسى عن الزهري عن عروة عن عائشة - وعن سالم عن ابن عمر قالا: لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي". وروى مالك في الموطأ ص: ٤٢٦ نحو معناه عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة - وعن ابن شهاب عن سالم عن أبيه.
وقول عائشة وابن عمر"لم يرخص": هو بضم الياء، كما رواه الحافظ من أصحاب شعبة - فيما ذكر الخافظ في الفتح: وهو عندنا مرفوع حكما، إن لم يكن مرفوعا لفظا. لأن الصحابي إذا قال ذلك فإنما يريد به من له حق الترخيص والمنع، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد بحث الحافظ في هذا الموضع بحثا جيدا في ذلك.
وذكر الحافظ رواية يحيى بن سلام هذه، نقلا عن الدارقطني والطحاوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>