للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يريد: كأنك من جمال بني أقيش، جملٌ يُقعقع خلف رجليه بشنّ، فاكتفى بما ظهر من ذكر "الجمال" الدال على المحذوف، من إظهار ما حذف. وكما قال الفرزدق بن غالب:

تَرَى أَرْباقَهُمْ مُتَقَلِّدِيها ... إِذا صَدِئَ الحديدُ عَلَى الكُمَاةِ (١)

يريد: متقلديها هم، فحذف "هم "، إذ كان الظاهرُ من قوله أرباقَهُم، دالا عليها.

والشواهد على ذلك من شعر العرب وكلامها أكثر من أن تحصى. فكذلك ذلك في قوله: "صراط الذين أنعمت عليهم".

* * *

القول في تأويل قوله: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} .

قال أبو جعفر: والقرَأةُ مجمعةٌ على قراءة " غير " بجر الراء منها (٢) . والخفضُ يأتيها من وجهين:

أحدهما: أن يكون "غير" صفة لِ"الذين" ونعتًا لهم فتخفضها. إذ كان " الذين " خفضًا، وهي لهم نعتٌ وصفةٌ. وإنما جاز أن يكون " غير " نعتًا لِـ " الذين "، و " الذين " معرفة و"غير" نكرة، لأن " الذين " بصلتها ليست بالمعرفة المؤقتة كالأسماء


(١) ديوانه: ١٣١ والنقائض: ٧٧٣، ويأتي في تفسير آية سورة الشعراء: ٤ (١٩: ٣٨ بولاق) ، وهو هناك "على الكتاب"، وهو خطأ. يهجو جريرا وقومه بني كليب بن يربوع. الأرباق: جمع ربق، والربق جمع ربقة: وهو الحبل تشد به الغنم الصغار لئلا ترضع. وتقالد السيف: وضع نجاده على منكبه. والكماة، جمع كمى: وهو البطل الشديد البأس. يصف بني كليب بأنهم رعاء أخساء بخلاء، لا هم لهم إلا رعية الغنم، والأبطال في الحرب يصلون حرها الأيام الطوال حتى يصدأ حديد الدروع على أبدانهم من العرق.
(٢) في المطبوعة "والقراء مجمعة"، والقَرَأَة: جمع قارئ. انظر ما مضى: ٥١ في التعليق، و ٦٤ تعليق: ٤ و: ١٠٩ تعليق: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>