للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله:" وتزودوا فإن خير الزاد التقوى"، قال: كانت قبائل من العرب يحرمون الزاد إذا خرجوا حجاجا وعمارا لأن يتضيفوا الناس، فقال الله تبارك تعالى لهم:" وتزودوا فإن خير الزاد التقوى".

٣٧٥٩ - حدثنا عمرو بن عبد الحميد الآملي، قال: حدثنا سفيان عن عمرو، عن عكرمة قال: كان الناس يقدمون مكة بغير زاد، فأنزل الله:" وتزودوا فإن خير الزاد التقوى". (١)

* * *

قال أبو جعفر: فتأويل الآية إذا: فمن فرض في أشهر الحج الحج فأحرم فيهن، فلا يرفثن ولا يفسقن. فإن أمر الحج قد استقام لكم، وعرفكم ربكم ميقاته وحدوده، فاتقوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه من أمر حجكم ومناسككم، فإنكم مهما تفعلوا من خير أمركم به أو ندبكم إليه، يعلمه. وتزودوا من أقواتكم ما فيه بلاغكم إلى أداء فرض ربكم عليكم في حجكم ومناسككم، فإنه لا بر لله جل ثناؤه في ترككم التزود لأنفسكم ومسألتكم الناس ولا في تضييع أقواتكم وإفسادها، ولكن البر في تقوى ربكم باجتناب ما نهاكم عنه في سفركم لحجكم وفعل ما أمركم به، فإنه خير التزود، فمنه تزودوا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك روي الخبر عن الضحاك بن مزاحم.

٣٧٦٠ - حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك في قوله:" فإن خير الزاد التقوى"، قال: والتقوى عمل بطاعة الله.

وقد بينا معنى"التقوى" فيما مضى بما أغنى عن إعادته. (٢)

* * *

القول في تأويل قوله تعالى: {وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الألْبَابِ (١٩٧)

قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: واتقون يا أهل العقول والأفهام بأداء فرائضي عليكم التي أوجبتها عليكم في حجكم ومناسككم وغير ذلك من ديني الذي شرعته لكم = وخافوا عقابي باجتناب محارمي التي حرمتها عليكم، تنجوا بذلك مما تخافون من غضبي عليكم وعقابي، وتدركوا ما تطلبون من الفوز بجناتي.

* * *

وخص جل ذكره بالخطاب بذلك أولي الألباب، لأنهم هم أهل التمييز بين الحق والباطل، وأهل الفكر الصحيح والمعرفة بحقائق الأشياء التي بالعقول تدرك وبالألباب تفهم، ولم يجعل لغيرهم من أهل الجهل في الخطاب بذلك حظا، إذ كانوا أشباحا كالأنعام، وصورا كالبهائم، بل هم منها أضل سبيلا.

و"الألباب": جمع"لب"، وهو العقل. (٣)

* * *


(١) الخبر: ٣٧٥٩ -عمرو بن عبد الحميد الآملي- شيخ الطبري: لم أعرف من هو؟ ولم أجد له ترجمة ولعله محرف عن شيء لا أعرفه.
(٢) انظر ما سلف ١: ٢٣٢، ٢٣٣، ٣٦٤.
(٣) انظر ما سلف في الجزء ٣: ٣٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>