للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معرفة، وهل هي اسم لبقعة واحدة أم هي لجماعة بقاع؟

فقال بعض نحويي البصريين: هي اسم كان لجماعة مثل"مسلمات، ومؤمنات"، سميت به بقعة واحدة، فصرف لما سميت به البقعة الواحدة، إذ كان مصروفا قبل أن تسمى به البقعة، تركا منهم له على أصله. لأن"التاء" فيه صارت بمنزلة"الياء والواو" في"مسلمين ومسلمون"، لأنه تذكيره، وصار التنوين بمنزلة"النون". فلما سمي به ترك على حاله، كما يترك" المسلمون" إذا سمي به على حاله. (١) قال: ومن العرب من لا يصرفه إذا سمي به، ويشبه"التاء" بهاء التأنيث، وذلك قبيح ضعيف، واستشهدوا بقول الشاعر: (٢)

تنورتها من أذرعات وأهلها ... بيثرب أدنى دارها نظر عالي (٣)

ومنهم من لا ينون"أدرعات" وكذلك:"عانات"، وهو مكان.

وقال بعض نحويي الكوفيين: إنما انصرفت"عرفات"، لأنهن على جماع مؤنث"بالتاء". قال: وكذلك ما كان من جماع مؤنث"بالتاء"، ثم سميت به رجلا أو مكانا أو أرضا أو امرأة، انصرفت. قال: ولا تكاد العرب تسمي شيئا من الجماع إلا جماعا، ثم تجعله بعد ذلك واحدا.


(١) هو قول الأخفش (اللسان: عرف) ومعجم البلدان (عرفات) وانظر سيبويه ٢: ١٧- ١٨.
(٢) هو امرؤ القيس بن حجر.
(٣) ديوانه: ١٤٠، وسيبويه ٢: ١٨ والخزانة ١: ٢٦ وهو من قصيدته الرائعة المشهورة والضمير في قوله: "تنورتها" للمرأة التي يذكرها (انظر طبقات فحول الشعراء: ٦٨ تعليق: ٣) . وتنورالنار أبصرها من بعيد جعل المرأة تضيء له فيراها كالنار المشبوبة. وأذرعات: بلد بالشام. ويثرب: مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان هذا اسمها في الجاهلية. يقول: لاح له نورها في الظلماء، وهو بالشام وأهلها بالمدينة. ثم يقول: أقرب ما يرى منها لا يرى إلا من مكان عال في جو السماء. يصف بعد ما بينه وبينها، ومع ذلك فقد لاحت له في الليل من هذا المكان البعيد، وأتم المعنى في البيت لتالي:
نظرت إليها والنجوم كأنها مصابيح رهبان تشب لقفال

<<  <  ج: ص:  >  >>