للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٩) }

قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: فإذا أفضتم من عرفات منصرفين إلى منى فاذكروا الله عند المشعر الحرام، وادعوه واعبدوه عنده، كما ذكركم بهدايته فوفقكم لما ارتضى لخليله إبراهيم، فهداه له من شريعة دينه، بعد أن كنتم ضلالا عنه.

* * *

وفي" ثم" في قوله:" ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس"، من التأويل وجهان:

أحدهما ما قاله الضحاك من أن معناه: ثم أفيضوا فانصرفوا راجعين إلى منى من حيث أفاض إبراهيم خليلي من المشعر الحرام، وسلوني المغفرة لذنوبكم، فإني لها غفور، وبكم رحيم. كما:-

٣٨٤٣ - حدثني إسماعيل بن سيف العجلي، قال: حدثنا عبد القاهر بن السري السلمي، قال: حدثنا ابن كنانة- ويكنى أبا كنانة-، عن أبيه، عن العباس بن مرداس السلمي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوت الله يوم عرفة أن يغفر لأمتي ذنوبها، فأجابني أن قد غفرت، إلا ذنوبها بينها وبين خلقي. فأعدت الدعاء يومئذ، فلم أجب بشيء، فلما كان غداة المزدلفة قلت: يا رب، إنك قادر أن تعوض هذا المظلوم من ظلامته، وتغفر لهذا الظالم! فأجابني أن قد غفرت. قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فقلنا: يا رسول الله، رأيناك تضحك في يوم لم تكن تضحك فيه! قال:"ضحكت من عدو الله إبليس لما سمع بما سمع إذ هو يدعو بالويل والثبور، ويضع التراب على رأسه" (١)


(١) الحديث: ٣٨٤٣ - إسماعيل بن سيف العجلي: لم أستطع التحقق من معرفته. فلم أجد في كتب التراجم إلا"إسماعيل بن سيف أبو إسحاق"- هكذا في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ١/١/١٧٦ وأنه سأل أباه عنه، فقال: "هو مجهول". وله ترجمة في لسان الميزان ١: ٤٠٩- ٤١٠ بل ثنتان ورجح الحافظ أنهما لشخص واحد. -فيما يظهر لي- من هذه الطبقة ولكني لا أجزم أنه هو شيخ الطبري هذا.
عبد القاهر بن السري السلمي البصري: قال ابن معين: "صالح" وذكره ابن شاهين في الثقات.
ابن كنانة: هو عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرداس، كما تبين اسمه من التخريج -فيما يأتي- وكما ذكر في التراجم. وهو مجهول كما في التقريب والخلاصة. والمراد أنه مجهول الحال. وفي التهذيب: "قال البخاري" لم يصح حديثه". ولم يترجم له ابن أبي حاتم في العبادلة ولا في الأبناء مع أنه ذكره في ترجمة أبيه، كما سيأتي ولم أجد كنيته" أبا كنانة" إلا في هذا الموضع فستفاد منه.
أبوه"كنانة بن العباس": ترجمه البخاري في الكبير ٤/١/٢٣٦ قال: "كنانة بن عباس بن مرداس عن أبيه. روى عنه ابنه". وبنحو ذلك ترجمه ابن أبي حاتم ٣/٢/١٦٩. ولم يذكرا فيه جرحا ولم يسميا ابنه. وبنحو هذا ذكره ابن حبان في الثقات ص: / ٣١٧ ولم يسم ابنه أيضًا. ثم ذكره في كتاب المجروحين في الورقة: ١٩٢ قال: "كنانة بن العباس بن مرداس السلمي يروي عن أبيه روى عنه ابنه: منكر الحديث جدا فلا أدري: التخليط في حديثه منه، أو من ابنه؟ أو من أيهما كان فهو ساقط الاحتجاج بما روى لعظم ما أتى من المناكير عن المشاهير"!! هكذا قال ابن حبان مهولا في غير موضع التهويل! فما ذكر العلماء الحفاظ لكنانة غير هذا الحديث الواحد. وما هو بمنكر المعنى وإن كان الإسناد إليه فيه ضعف بجهالة حال عبد الله ابن كنانة. وكنانة هذا قال فيه ابن مندة: "يقال إن لكنانة صحبة" ولذلك ذكره الحافظ في الإصابة ٥: ٣١٨ في القسم الثاني ممن لهم رؤية وأشار إلى خطأ ابن حبان بأنه ذكره في الثقات"ثم غفل فذره في الضعفاء".
والحديث رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد المسند: ١٦٢٧٦ (٤: ١٤- ١٥ حلبي) عن إبراهيم بن الحجاج الناجي. ورواه ابن ماجه: ٣٠١٣ عن أيوب بن محمد الهاشمي. ورواه البيهقي ٥: ١١٨ من طريق أبي داود الطيالسي -ثلاثتهم عن عبد القاهر بن السري"حدثنا عبد الله ابن كنانة بن عباس بن مرداس السلمي" - إلخ، كما في رواية ابن ماجه. وفي روايتي عبد الله بن أحمد والبيهقي: "حدثني ابن كنانة بن العباس بن مرداس". وكذلك روى أبو داود في السنن: ٥٢٣٤- قطعة منه، عن عيسى بن إبراهيم البركي، وعن أبي الوليد الطيالسي كلاهما عن عبد القاهر بن السري. وذكره المنذري في الترغيب والترهيب ٢: ١٢٧- ١٢٨ من رواية ابن ماجه ثم من رواية البيهقي. ثم نقل عن البيهقي أنه قال: "وهذا الحديث له شواهد كثيرة، وقد ذكرناها في كتاب البعث. فإن صح بشواهده ففيه الحجة. وإن لم يصح، فقد قال الله تعالى: (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) . وظلم بعضهم بعضا دون الشرك. انتهى". وذكره السيوطي ١: ٢٣٠ ونسبه أيضًا للطبراني. والضياء المقدسي في المختارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>