للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله:" لمن اتقى"، قال: يقول لمن اتقى على حجه = قال قتادة: ذكر لنا أن ابن مسعود كان يقول: من اتقى في حجه غفر له ما تقدم من ذنبه - أو: ما سلف من ذنبه.

* * *

قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصحة قول من قال: تأويل ذلك:"فمن تعجل في يومين" من أيام منى الثلاثة فنفر في اليوم الثاني"فلا إثم عليه"، لحطِّ الله ذنوبَه، إن كان قد اتقى الله في حجه، فاجتنب فيه ما أمره الله باجتنابه، وفعل فيه ما أمره الله بفعله، وأطاعه بأدائه على ما كلفه من حدوده ="ومن تأخر" إلى اليوم الثالث منهن فلم ينفر إلى النفر الثاني حتى نفر من غد النفر الأول،"فلا إثم عليه"، لتكفير الله له ما سلف من آثامه وإجرامه، وإن كان اتقى الله في حجه بأدائه بحدوده.

وإنما قلنا أن ذلك أولى تأويلاته [بالصحة] ، لتظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"ومن حجّ هذا البيت فلم يرفُثْ ولم يفسُقْ خرَج من ذنوبه كيوم ولدته أمه = وأنه قال صلى الله عليه وسلم:"تابعوا بين الحجّ والعمرة، فإنهما ينفيان الذنوب كما ينفي الكِيرُ خَبَثَ الحديد والذهب والفضة".

٣٩٥٦ - حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي، قال: حدثنا أبو خالد الأحمر، قال: حدثنا عمرو بن قيس، عن عاصم، عن شقيق، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقرَ والذنوبَ كما ينفي الكِيرُ خَبَثَ الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثوابُ دون الجنة". (١)


(١) الحديث: ٣٩٥٦ - عبد الله بن سعيد الكندي أبو سعيد الأشج: ثقة حافظ من شيوخ أصحاب الكتب الستة. أبو خالد الأحمر: هو سليمان بن حيان -بالياء التحتية- الأزدي وهو ثقة من شيوخ أحمد وإسحاق أخرج له جماعة. عمرو بن قيس: هو الملائي. عاصم: هو ابن أبي النجود. شقيق: هو ابن سلمة أبو وائل الأسدي عبد الله: هو ابن مسعود.
والحديث رواه احمد في المسند: ٣٦٦٩ عن أبي خالد الأحمر بهذا الإسناد ورواه الترمذي ٢: ٧٨ والنسائي ٢: ٤- كلاهما من طريق أبي خالد الأحمر.
وذكره السيوطي ١: ٢١١ وزاد نسبته لابن أبي شيبة وابن خزيمة وابن حبان.
الكير: زق أو جلد غليظ ذو حافات ينفخ فيه الحداد، ليؤرث النار. وخبث الحديد وغيره: هو ما ينفيه الكير والنار من الحديد إذا أذيب وهو ما لا خير فيه منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>