للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

= وما أشبه ذلك من الأخبار التي يطول بذكر جميعها الكتاب، مما ينبئ عنه أنّ من حجّ فقضاه بحدوده على ما أمره الله، فهو خارج من ذنوبه، كما قال جل ثناؤه:" فلا إثم عليه لمن اتقى" الله في حجه. فكان في ذلك من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يوضح عن أن معنى قوله جل وعزّ:" فلا إثم عليه"، أنه خارجٌ من ذنوبه، محطوطة عنه آثامه، مغفورَةٌ له أجْرامه= وأنه لا معنى لقول من تأول قوله:" فلا إثم عليه"، فلا حرج عليه في نفره في اليوم الثاني، ولا حرج عليه في مقامه إلى اليوم الثالث. لأن الحرَج إنما يوضع عن العامل فيما كان عليه ترْك عمله، فيرخّص له في عمله بوضع الحرَج عنه في عمله؛ أو فيما كان عليه عمله، فيرخَّص له في تركه بوضع الحرج عنه في تركه. فأما ما على العامل عَمله فلا وَجه لوضع الحرَج عنه فيه إن هو عَمله، وفرضُه عَملُه، لأنه محال أن يكون المؤدِّي فرضًا عليه، حرجا بأدائه، (١) فيجوز أن يقال: قد وضعنا عنك فيه الحرَج.

وإذ كان ذلك كذلك= وكان الحاج لا يخلو عند من تأوّل قوله:" فلا إثم عليه" فلا حرج عليه، أو فلا جناح عليه، من أن يكون فرضه النفر في اليوم الثاني من أيام التشريق، فوضع عنه الحرَج في المقام، أو أن يكون فرضَه المقام،


(١) قوله: "حرجًا" على وزن"فرح" بمعنى آثم وقد مضى في الجزء ٢: ٤٢٣ استعمال هذه الصيغة وعلقت عليه أن أهل اللغة ينكرون ذلك ويقولون بل هو"حارج" ولقد أعاد الطبري استعمالها هنا مرة أخرى، ورأيت أيضًا القاضي الباقلاني قد استعملها في كتابه التمهيد ص: ٢٢١، فقال: ". . . لم يكن الإمام بذلك مأثومًا ولا حرجًا" وكأني رأيت الشافعي قد استعملها أيضًا في الأم، ولكن ذهب عني مكانها.

<<  <  ج: ص:  >  >>