للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما الذي قرأها"في ظلال"، فإنه جعلها جمع"ظُلَّة"، كما ذكرنا من جمعهم"الخلة""خلال".

وقد يحتمل أن يكون قارئه كذلك، وجَّهه إلى أنّ ذلك جمع"ظِلّ"، لأن"الظلُّة" و"الظِّل" قد يجمعان جميعًا"ظِلالا".

* * *

قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندي:" هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظُللٍ من الغمام"، لخبر روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن من الغمام طاقات يأتي الله فيها محفوفًا. (١) فدل بقوله"طاقات"، على أنها ظلل لا ظلال، لأن واحد"الظلل""ظلة"، وهي الطاق= واتباعًا لخط المصحف. (٢) وكذلك الواجبُ في كل ما اتفقت معانيه واختلفتْ في قراءته القرأة، ولم يكن على إحدى القراءتين دلالة تنفصل بها من الأخرى غير اختلاف خطّ المصحف، فالذي ينبغي أن تؤثر قراءته منها ما وافق رَسم المصحف.

* * *

وأما الذي هو أولى القراءتين في:" والملائكة"، فالصواب بالرفع، عطفًا بها على اسم الله تبارك وتعالى، على معنى: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام، وإلا أن تأتيهم الملائكة، على ما روي عن أبيّ بن كعب، لأن الله جل ثناؤه قد أخبر في غير موضع من كتابه أن الملائكة تأتيهم، فقال جل ثناؤه: (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) [الفجر: ٢٢] ، وقال: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ) [الأنعام: ١٥٨] فإن أشكلَ على امرئ قول الله جل ثناؤه: (وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) فظن أنه مخالفٌ معناه معنى قوله:" هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة"،


(١) سيأتي في الأثر رقم: ٤٠٣٨.
(٢) قوله: "واتباعا. . . " معطوف على موضع قوله: "لخبر روي عن رسول الله. . . "

<<  <  ج: ص:  >  >>