فإن هذا التفسير الجليل، باكورة عمل عظيم، تقوم به (دار المعارف بمصر) ، لإحياء (تُراث الإسلام) ، وإخراج نفائس الكنوز. التي بقيتْ لنا من آثار سلفنا الصالح، وعلمائنا الأفذاذ. الذين خدموا دينَهم، وعُنُوا بكتاب ربّهم، وسنّة نبيّهم، وحفظِ لغتهم، بما لم تصنعه أمةٌ من الأمم، ولم يبلغْ غيرُهم مِعْشارَ ما وفّقهم الله إليه.
فكان أَوّلَ ما اخترنا، باكورةً لهذا المشروع الخطير: كتابُ (تفسير الطبري) . وما بي من حاجةٍ لبيان قيمته العلمية، وما فيه من مزايا يندر أَن توجدَ في تفسيرٍ غيرِه. وهو أعظم تفسير رأيناه، وأعلاه وأثبتُه. استحقَّ به مؤلفُه الحجةُ أن يسمَّى (إمامَ المفسّرين) .
وكنتُ أخشى الإقدامَ على الاضطلاع بإِخراجه وأُعْظِمُه، عن علمٍ بما يكتنفُ ذلك من صعوباتٍ، وما يقوم دونَه من عقباتٍ، وعن خبرةٍ بالكتاب دهرًا طويلا أربعين سنةً أو تزيد.
لولا أنْ قوَّى من عزمي، وشدَّ من أزْري، أخي الأصغر، الأستاذ محمود محمد شاكر. وهو - فيما أعلم - خير من يستطيع أن يحمل هذا العبء، وأن يقوم بهذا العمل حقَّ القيام، أو قريبًا من ذلك. لا أعرف أحدًا غيرَه له أهلا.
وما أريد أن أشهدَ لأخي أو أُثْنيَ عليه. ولكني أقرّ بما أعلم، وأشهد بما أَسْتَيْقن.