جاء به لما اختلف -هؤلاء الأحزاب من بنى إسرائيل الذين أوتوا الكتاب- فيه من الحق بإذنه أنْ وفقهم لإصابة ما كان عليه مَنْ الحق من كان قبل المختلفين الذين وصف الله صفتهم في هذه الآية، إذ كانوا أمة واحدة، وذلك هو دين إبراهيم الحنيف المسلم خليل الرحمن، فصاروا بذلك أمة وَسطًا، كما وصفهم به ربهم ليكونوا شهداء على الناس. كما:-
٤٠٦٢- حدثت عن عمار بن الحسن، قال: حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه عن الربيع:" فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه"، فهداهم الله عند الاختلاف، أنهم أقاموا على ما جاءت به الرسل قبل الاختلاف: أقاموا على الإخلاص لله وحده، وعبادته لا شريك له، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، فأقاموا على الأمر الأول الذي كان قبل الاختلاف، واعتزلوا الاختلاف، فكانوا شهداء على الناس يوم القيامة، كانوا شهداء على قوم نوح، وقوم هود، وقوم صالح، وقوم شعيب، وآل فرعون، أن رسلهم قد بلَّغوهم، وأنهم كذَّبوا رسلهم. وهي في قراءة أبي بن كعب:(وَلِيَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) يوم القيامة (وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) . فكان أبو العالية يقول في هذه الآية المخرج من الشبهات والضلالات والفتن.
٤٠٦٣ - حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي:" فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه"، يقول: اختلف الكفار فيه، فهدى الله الذي آمنوا للحق من ذلك; وهي في قراءة ابن مسعود:" فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا عنه"، عن الإسلام. (١)
* * *
(١) الأثر: ٤٠٦٣ - انظر الأثر السالف رقم: ٤٠٥٧ والتعليق عليه. وكان في المطبوعة هنا وهناك: "لما اختلفوا فيه على الإسلام"، وهو غير بين المعنى والذي أثبته هو نص ما في القرطبي ٣: ٣٣ والدر المنثور ١: ٢٤٣.