للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن ذلك أيضا"خِمار المرأة"، وذلك لأنها تستر [به] رأسها فتغطيه. ومنه يقال:" هو يمشي لك الخمَر"، أي مستخفيًا، كما قال العجاج:

فِي لامِعِ العِقْبَانِ لا يَأتي الْخَمَرْ ... يُوَجِّهُ الأرْضَ وَيَسْتَاقُ الشَّجَرْ (١)

ويعني بقوله:" لا يأتي الخمر"، لا يأتي مستخفيًا ولا مُسارَقةً، ولكن ظاهرًا برايات وجيوش. و"العقبان" جمع"عُقاب"، وهي الرايات.

* * *

وأما"الميسر" فإنها"المفعل" من قول القائل:" يسَرَ لي هذا الأمر"، إذا وجب لي" فهو يَيْسِر لي يَسَرًا وَميسِرًا" (٢) و"الياسر" الواجب، بقداح وَجب ذلك، أو فُتاحة أو غير ذلك. (٣) ثم قيل للمقامر،" ياسرٌ ويَسَر"، كما قال الشاعر:

فَبِتُّ كَأَنَّنِي يَسَرٌ غَبِينٌ ... يُقَلِّبُ، بَعْدَ مَا اخْتُلِعَ، القِدَاحَا (٤)

وكما قال النابغة: (٥)


(١) ديوانه: ١٧، من قصيدة يذكر فيها فتوح عمر بن عبيد الله بن معمر التيمي، سلف منها بيتان في ٢: ١٥٧. واقرأ التعليق هناك رقم: ٢. ولمعت الرايات: خفقت. وقوله: "يوجه الأرض" يعني جيش عمر، أي يقشر وجهها من شدة وطئه وكثرته وسرعة سيره، يشبهه بالسيل. يقال: " وجه المطر الأرض"، قشر وجهها وأثر فيه. وقوله: "يستاق الشجر"، يقول: جيشه كالسيل المنفجر المتدافع يقشر الأرض، ويختلع شجرها، ويسوقه.
(٢) هذا المعنى لم أصبه في كتب اللغة، وأنا أظنه مجازًا من"الميسر"، لا أصلا في اشتقاق الميسر منه، لأن حظ صاحب الميسر واجب الأداء إذا خرج قدحه.
(٣) في المطبوعة: "أو مباحه"، ولا معنى لها، وكأن الصواب ما أثبت. والفتاحة (بضم الفاء) : الحكم بين الخصمين يختصمان إليك.
(٤) لم أعرف قائله. والغبين والمغبون: الخاسر. واختلع (بالبناء للمجهول) : أي قمر ماله وخسره، فاختلع منه، أي انتزع. والمخالع المقامر، والمخلوع: المقمور ماله. يقول: إنه بات ليلته حزينًا كاسفًا مطرقًا، إطراق المقامر الذي خسر كل شيء، فأخذ يقلب في كفيه قداحه مطرقًا متحسرا على ما أصابه ونكبه.
(٥) لم أجد البيت في شعر النابغة الذبياني، ولست أدري أهو لغيره من النوابغ، أم هو لغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>