للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حرامًا. ثم أنزل الله جل وعز في"سورة المائدة" بعد غزوة الأحزاب: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) إلى (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) فجاء تحريمها في هذه الآية، قليلها وكثيرها، ما أسكر منها وما لم يسكر. وليس للعرب يومئذ عيش أعجبُ إليهم منها. (١)

٤١٥١ - حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه عن الربيع قوله:" يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما"، قال: لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن ربكم يُقدِّم في تحريم الخمر، قال: ثم نزلت: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ) ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنّ ربكم يقدِّم في تحريم الخمر. قال: ثم نزلت: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنْصَابُ وَالأزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ) ، فحرّمت الخمر عند ذلك.

٤١٥٢ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:" يسألونك عن الخمر والميسر" الآية كلها، قال: نسخت ثلاثةً، (٢) في"سورة المائدة"، وبالحدّ الذي حدَّ النبي صلى الله عليه وسلم، وضَرْب النبيِّ صلى الله عليه وسلم. قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يضربهم بذلك حدًّا، ولكنه كان يعمل في ذلك برأيه، ولم يكن حدًّا مسمًّى وهو حَدٌّ، وقرأ: (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) الآية. (٣)


(١) قوله: "عيش" مجاز حسن، لم تقيده كتب اللغة، ويعني به: المتاع واللذة. وأصل"العيش": المطعم والمشرب وما تكون به الحياة. فنقل إلى المتاع، ومثله ما جاء في الأثر: "لا عيش إلا عيش الآخرة"، فأولى أن يفسر بالمتاع واللذة.
(٢) يقال: "نسخت ثلاثًا"، أي ثلاث مرات من النسخ، ويجوز"نسخت ثلاثة" كما هنا، أي ثلاثة نسوخ، لتذكير"النسخ".
(٣) يعني أن آية البقرة هذه، نسختها آية المائدة نسخًا واحدًا، ثم جعل الله حدها الضرب غير مسمى العدد، فكان نسخًا ثانيًا، ثم اجتهد رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيه في عدد الضرب وصورته، فكان اجتهاده نسخًا ثالثًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>