فجاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه عنه، فقال:" قل إصلاح لهم خيرٌ"، يصلح له ماله وأمره له خيرٌ، وإن يخالطه فيأكل معه ويطعمه ويرْكب راحلته ويحمله ويستخدم خادمه ويخدمه، فهو أجودُ" والله يعلم المفسدن من المصلح".
٤١٩٦ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:" ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خيرٌ" إلى" إن الله عزيز حكيم"، وإن الناس كانوا إذا كان في حِجْر أحدهم اليتيمُ جعل طعامه على ناحية، ولبنه على ناحية، مخافة الوِزر، وإنه أصاب المؤمنين الجَهْد، فلم يكن عندهم ما يجعلون خدمًا لليتامى، فقال الله:" قل إصلاحٌ لهم خير وإن تخالطوهم" إلى آخر الآية.
٤١٩٧ - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله:" ويسألونك عن الناس"، كانوا في الجاهلية يعظِّمون شأنَ اليتيم، فلا يمسُّون من أموالهم شيئًا، ولا يركبون لهم دابة، ولا يطعمون لهم طعامًا. فأصابهم في الإسلام جَهْدٌ شديد، حتى احتاجوا إلى أموال اليتامى، فسألوا نبي الله صلى الله عليه وسلم عن شأنِ اليتامَى وعن مخالطتهم، فأنزل الله:" وإن تخالطوهم فإخوانكم"، يعني"بالمخالطة": ركوب الدابة، وخدمة الخادم، وشربَ اللبن.
* * *
قال أبو جعفر: فتأويل الآية إذًا: ويسألك يا محمد أصحابك عن مال اليتامى، وخلطهم أموالهم به في النفقة والمطاعمة والمشاربة والمساكنة والخدمة، فقل لهم: تفضُّلكم عليهم بإصلاحكم أموالهم - من غير مَرْزِئة شيء من أموالهم، (١) وغير أخذ عوض من أموالهم على إصلاحكم ذلك لهم - خيرُ لكم عند الله وأعظمُ
(١) يقال: "رزأه في ماله رزءًا (بضم فسكون) ومرزئة (بفتح الميم وسكون الراء وكسر الزاي) : أصاب منه خيرًا ما كان، فنقص من ماله.