للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنما قلنا: ذلك أولى بتأويل الآية، لأن الله تعالى ذكره عقَّب قوله:" وقدموا لأنفسكم" بالأمر باتقائه في ركوب معاصيه. فكان الذي هو أولى بأن يكون قبلَ التهدُّد على المعصية - إذ كان التهدُّد على المعصية عامًّا - الأمرُ بالطاعة عامًّا. (١)

* * *

فإن قال لنا قائل: وما وجه الأمر بالطاعة بقوله:" وقدِّموا لأنفسكم"، من قوله:" نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم"؟

قيل: إن ذلك لم يقصد به ما توهمتَه: وإنما عنى به: وقدموا لأنفسكم من الخيرات التي ندبناكم إليها بقولنا:" يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خيرٍ فللوالدين والأقربين"، وما بعده من سائر ما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجيبوا عنه، مما ذكره الله تعالى ذكره في هذه الآيات. ثم قال تعالى ذكره: قد بيّنا لكم ما فيه رَشَدكم وهدايتكم إلى ما يُرضي ربكم عنكم، فقدِّموا لأنفسكم الخيرَ الذي أمركم به، واتخذوا عنده به عهدًا، لتجدوه لديه إذا لقيتموه في معادكم = واتقوه في معاصيه أن تقربوها، وفي حدوده أن تُضِيعوها، واعلموا أنكم لا محالة ملاقوه في معادكم، فَمُجازٍ المحسنَ منكم بإحسانه، والمسيء بإساءته. (٢)

* * *


(١) في المخطوطة والمطبوعة: "الذي هو أولى بأن يكون قبل التهدد عامًا" وفي المطبوعة: "التهديد"، وهي جملة غير مستقيمة، فحذفت"الذي" وزدت: "إذ كان التهدد على المعصية"، ليستقيم معنى الكلام وسياقه.
(٢) في المطبوعة: "فمجازي" بالياء في آخره. والصواب ما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>