للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعني بقوله:"قالت قاف"، قالت: قد وقفتُ. فدلت بإظهار القاف من"وقفت"، على مرادها من تمام الكلمة التي هي"وقفت". فصرفوا قوله:"ألم" وما أشبه ذلك، إلى نحو هذا المعنى. فقال بعضهم: الألف ألف"أنا"، واللام لام"الله"، والميم ميم"أعلم"، وكلُّ حرف منها دال على كلمة تامة. قالوا: فجملة هذه الحروف المقطَّعة إذا ظهر مع كل حرفٍ منهن تَمام حروف الكلمة،"أنا" الله أعلم". قالوا: وكذلك سائر جميع ما في أوائل سُور القرآن من ذلك، فعلى هذا المعنى وبهذا التأويل. قالوا: ومستفيضٌ ظاهرٌ في كلام العرب أن ينقُصَ المتكلم منهم من الكلمةِ الأحرفَ، إذا كان فيما بقي دلالة على ما حذف منها - ويزيدَ فيها ما ليس منها، إذا لم تكن الزيادة مُلبِّسةً معناها على سامعها - كحذفهم في النقص في الترخيم من"حارثٍ" الثاءَ، فيقولون: يا حارِ، ومن"مالك" الكافَ، فيقولون: يا مالِ، وأما أشبه ذلك، وكقول راجزهم:

مَا لِلظليم عَالَ? كَيْفَ لا يَا ... يَنْقَذُّ عنه جِلْدُه إذا يَا (١)

كأنه أراد أن يقول: إذا يَفعل كذا وكذا، فاكتفى بالياء من"يفعل"، وكما قال آخر منهم:

بالخيرِ خيراتٍ وإنْ شرًّا فَا

يريد: فشرًّا.

ولا أُرِيد الشرَّ إلا أن تَا (٢) .

يريد: إلا أن تَشاء، فاكتفى بالتاء والفاء في الكلمتين جَميعًا، من سائر حروفهما، وما أشبهَ ذلك من الشواهد التي يَطول الكتاب باستيعابه.


(١) شرح شواهد الشافية: ٢٦٧. عال: دعاء عليه، من قولهم"عال عوله" أي ثكلته أمه، فاختصر. و"يا" في البيت الأول كأنه أراد أن يقول"ينقد عنه. . . " فوقف، ثم عاد يقول: "ينقد"، و"يا" في الآخر: أي إذا يعدو هذا العدو.
(٢) سيبويه ٢: ٦٢، الكامل ١: ٢٤٠، والموشح: ١٢٠، وشرح شواهد الشافية: ٢٦٢، ونسبه في ٢٦٤ للقيم بن أوس.

<<  <  ج: ص:  >  >>