للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا تؤاخذ حتى تُصْعِد للأمر، (١) ثم تحلف عليه بالله الذي لا إله إلا هو، فتعقد عليه يمينك.

* * *

= قال أبو جعفر: والواجب على هذا التأويل أن يكون قوله تعالى ذكره:" ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم"، في الآخرة بها بما شاء من العقوبات - وأن تكون الكفارة إنما تلزم الحالف في الأيمان التي هي لغو. وكذلك روي عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: أنه كان لا يرى الكفارة إلا في الأيمان التي تكون لغوًا، فأما ما كسبته القلوب وعقدت فيه على الإثم، فلم يكن يوجبُ فيه الكفارة. وقد ذكرنا الرواية عنهم بذلك فيما مضى قبل. (٢)

وإذ كان ذلك تأويلَ الآية عندهم، فالواجب على مذهبهم أن يكون معنى الآية في سورة المائدة: (٣) لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم، فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم - ولكن يؤاخذكم بما عقَّدتم الأيمان، (٤) واحفظوا أيمانكم.

وبنحو ما ذكرناه عن ابن عباس من القول في ذلك، كان سعيد بن جبير والضحاك بن مزاحم وجماعة أخر غيرهم يقولون، وقد ذكرنا الرواية عنهم بذلك آنفًا. (٥)

* * *

(٦)


(١) في المطبوعة: "تقصد لأمر" والإصعاد: الإقبال على الشيء والتوجه له، ومنه قول حسان بن ثابت في خيل: [يُبَارِينَ الأَْعِنَّةَ مُصْعِدَاتٍ ... عَلَى أَكتَافِهَا الأَسَلُ الظَّمَاءُ]
يعني مقبلات متوجهات نحوكم.
(٢) انظر ما سلف الأثر رقم: ٤٤٠٤.
(٣) سورة المائدة: ٨٩.
(٤) في المخطوطة والمطبوعة"ولكن يؤاخذكم بما عقدتم واحفظوا" فأثبت الكلمة التي أغفلها الناسخ من الآية. ويعني الطبري أن قوله تعالى: "ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان" من المقدم الذي يراد به التأخير، ولذلك ساق الآية بنصها إلا هذه الجملة، فأخرها إلى مكانها على معنى تأويلهم هذا.
(٥) هي الآثار السالفة من: ٤٤٣٦.
وإلى هذا الموضع انتهى تقسيم قديم للنسخة التي نقلت عنها مخطوطتنا وجاء فيها ما نصه.
"يتلوه: وَقال آخَرُونَ: المَعْنَى الذِي أَوْعَدَ اللهُ عِبَادَهُ المُؤَاخذةَ.
وَصَلى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِي وَآلِهِ كَثِيرًا * * *
على الأصل المنقول منه
بَلَغْتُ بِالسمَاعِ مِنْ أوله بِقرَاءَتي عَلَى القَاضِي أبي الحَسَن الخِصيبي، عنْْ أبي محمد الفرغَاني، عَنْ أبي جعفر الطبريّ - وَأخِي عليّ حرسه الله، ومحمد بن علي ألا. . . ونَصر بن الحسين الطبري ومحمد بن محمد بن أحمد بن عيسى السعدي- في شعبام سنة ثمان وَأَربع مئة".
(٦) أوله في المخطوطة:
"بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرحِيمِ
رَبّ يَسِّرْ"

<<  <  ج: ص:  >  >>