للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدهما أن يكون مرادا به: فلا جناح على الرجل فيما افتدت به المرأة دون المرأة، وإن كانا قد ذكرا جميعا كما قال في"سورة الرحمن": (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ) [سورة الرحمن: ٢٢] وهما من الملح لا من العذب، قال: ومثله. (فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا) [سورة الكهف: ٦١] ، وإنما الناسي صاحب موسى وحده. قال: ومثله في الكلام أن تقول:"عندي دابتان أركبهما وأستقي عليهما" وإنما تركب إحداهما. وتستقي على الأخرى، (١) وهذا من سعة العربية التي يحتج بسعتها في الكلام.

قالوا: والوجه الآخر أن يشتركا جميعا في أن لا يكون عليهما جناح، إذ كانت تعطي ما قد نفي عن الزوج فيه الإثم. اشتركت فيه، (٢) لأنها إذا أعطت ما يطرح فيه المأثم، احتاجت إلى مثل ذلك.

* * *

قال أبو جعفر: فلم يصب الصواب في واحد من الوجهين، ولا في احتجاجه فيما احتج به من قوله: (٣) (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ) .

فأما قوله:" فلا جناح عليهما" فقد بينا وجه صوابه، وسنبين وجه قوله:" يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان"في موضعه إذا أتينا عليه إن شاء الله تعالى. وإنما خطأنا قوله ذلك، لأن الله تعالى ذكره قد أخبر عن وضعه الحرج عن الزوجين إذا افتدت المرأة من زوجها على ما أذن، وأخبر عن البحرين أن منهما يخرج اللؤلؤ والمرجان، فأضاف إلى اثنين. فلو جاز لقائل أن يقول:"إنما أريد به الخبر عن أحدهما، فيما لم يكن مستحيلا أن يكون عنهما"، جاز في كل خبر كان عن اثنين - غير مستحيلة صحته أن يكون عنهما - أن يقال:"إنما هو خبر عن أحدهما".


(١) في المطبوعة: "وأسقى. . . وتسقى" والصواب من المخطوطة ومعاني القرآن للفراء.
(٢) في معاني القرآن: "أشركت فيه" بالبناء للمجهول، وهي أجود.
(٣) في المخطوطة والمطبوعة: "احتج به قوله" والصواب زيادة"من".

<<  <  ج: ص:  >  >>