للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من مالها على فراقها حرام، (١) ولو كان ذلك حبة فضة فصاعدا. (٢)

وأما الآية التي في"سورة البقرة" فإنها إنما دلت على إباحة الله تعالى ذكره له أخذ الفدية منها في حال الخوف عليهما أن لا يقيما حدود الله بنشوز المرأة، وطلبها فراق الرجل، ورغبته فيها. فالأمر الذي أذن به للزوج في أخذ الفدية من المرأة في"سورة البقرة" (٣) ضد الأمر الذي نهى من أجله عن أخذ الفدية في"سورة النساء"، كما الحظر في"سورة النساء"، غير الإطلاق والإباحة في"سورة البقرة". (٤) فإنما يجوز في الحكمين أن يقال أحدهما ناسخ (٥) إذا اتفقت معاني المحكوم فيه، ثم خولف بين الأحكام فيه باختلاف الأوقات والأزمنة.

وأما اختلاف الأحكام باختلاف معاني المحكوم فيه في حال واحدة ووقت واحد، فذلك هو الحكمة البالغة، والمفهوم في العقل والفطرة، وهو من الناسخ والمنسوخ بمعزل.

* * *

وأما الذي قاله الربيع بن أنس (٦) من أن معنى الآية: فلا جناح عليهما فيما افتدت به منه - يعني بذلك: مما آتيتموهن - فنظير قول بكر في دعواه نسخ


(١) في المطبوعة: "فقد بينا أن أخذ الزوج. . . " وهو خطأ محض والسياق يقتضي غيره ثم إنه لم يذكر شيئا من ذلك فيما سلف. أما في المخطوطة: "فقد سا" والألف الأخيرة قصيرة عن أشباهها. وأحب أن أثبت هنا أن ناسخ المخطوطة قد عجل في الصفحات السابقة والصفحات التالية عجلة شديدة حتى تبين ذلك في خطه تبينا ظاهرا. ولذلك كثر الخطأ والاشتباه فيما يكتب.
(٢) الحبة: ميزان من موازينهم. هو: زنة حبة شعير متوسطة لم تقشر وقد قطع من طرفيها ما امتد (رسالة النقود للمقريزي: ٣) .
(٣) في المخطوطة: "أذن به للزوج أخذ الفدية" بحذف"في" والإذن هنا الإباحة.
(٤) في المطبوعة والمخطوطة: "غير الطلاق والإباحة" والصواب ما أثبت ولم أجد"الطلاق" مصدرا بمعنى الإباحة. وكأن الناسخ ظن أن أبا جعفر يريد أن آية سورة البقرة فيها ذكر لفظ"الطلاق" وأما التي في سورة النساء فليس فيها لفظ"الطلاق" فيكون ذلك غريبا جدا، ولطيفا أيضًا!! ومراد الطبري أن الذي في سورة البقرة هو نشوز المرأة والذي في سورة النساء هو ضرار الرجل، والذي في البقرة إباحة وإطلاق، والذي في النساء حظر ومنع.
(٥) في المخطوطة والمطبوعة: "فإنما يجوز" والفاء هنا لا معنى لها، بل هي اختلال. وقد أسلفنا ما في كتابة الناسخ هنا من عجلة وسهو شديد.
(٦) انظر الأثر السالف رقم: ٤٨٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>