للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنما عنى تعالى ذكره بقوله:" تلك حدود الله فلا تعتدوها"، هذه الأشياء التي بينت لكم في هذه الآيات التي مضت: من نكاح المشركات الوثنيات، وإنكاح المشركين المسلمات، وإتيان النساء في المحيض، وما قد بين في الآيات الماضية قبل قوله:" تلك حدود الله"، مما أحل لعباده وحرم عليهم، وما أمر ونهى.

ثم قال لهم تعالى ذكره: هذه الأشياء -التي بينت لكم حلالها من حرامها-"حدودي"= يعني به: معالم فصول ما بين طاعتي ومعصيتي=، فلا تعتدوها= يقول: فلا تتحاوزوا ما أحللته لكم إلى ما حرمته عليكم، وما أمرتكم به إلى ما نهيتكم عنه، ولا طاعتي إلى معصيتي، (١) فإن من تعدى ذلك = يعني من تخطاه وتجاوزه = إلى ما حرمت عليه أو نهيته، فإنه هو الظالم- وهو الذي فعل ما ليس له فعله، ووضع الشيء في غير موضعه. وقد دللنا فيما مضى على معنى"الظلم" وأصله بشواهده الدالة على معناه، فكرهنا إعادته في هذا الموضع. (٢)

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وإن خالفت ألفاظ تأويلهم ألفاظ تأويلنا، غير أن معنى ما قالوا في ذلك [يؤول] إلى معنى ما قلنا فيه. (٣)

* ذكر من قال ذلك:

٤٨٧٩ - حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:" تلك حدود الله فلا تعتدوها" يعني بالحدود: الطاعة.

٤٨٨٠ - حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك في قوله:" تلك حدود الله فلا تعتدوها" يقول: من


(١) انظر معنى"الخدود""والتعدي والعدوان" في فهرس اللغة من الأجزاء السالفة.
(٢) انظر ما سلف ١: ٥٢٣-٥٢٤/٢: ١٠١- ١٠٢، ٣٦٩، ٥١٩.
(٣) في المطبوعة: ". . . ما قالوا في ذلك إلى معنى. . . " وأثبت الزيادة بين القوسين لأن موضعها في المخطوطة بياض فرجحت أن تكون الكلمة الناقصة هي هي، كما أثبتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>