للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خطاب لجميع، وقد قال من قبل:"فلا تعضلوهن"؟ وإذا جاز أن يقال في خطاب الجميع"ذلك"، أفيجوز أن تقول لجماعة من الناس وأنت تخاطبهم:"أيها القوم، هذا غلامك، وهذا خادمك"، وأنت تريد: هذا خادمكم، وهذا غلامكم؟

قيل: لا إن ذلك غير جائز مع الأسماء الموضوعات، (١) لأن ما أضيف له الأسماء غيرها، (٢) فلا يفهم سامع سمع قول قائل لجماعة:"أيها القوم، هذا غلامك"، أنه عنى بذلك هذا غلامكم - إلا على استخطاء الناطق في منطقه ذلك. فإن طلب لمنطقه ذلك وجها في الصواب، (٣) صرف كلامه ذلك إلى أنه انصرف عن خطاب القوم بما أراد خطابهم به، إلى خطاب رجل واحد منهم أو من غيرهم، وترك مجاوزة القوم بما أراد مجاوزتهم به من الكلام. (٤) وليس ذلك كذلك في"ذلك" لكثرة جري ذلك على ألسن العرب في منطقها وكلامها، حتى صارت"الكاف" -التي هي كناية اسم المخاطب فيها- كهيئة حرف من حروف الكلمة التي هي متصلة. وصارت الكلمة بها كقول القائل:"هذا"، كأنها ليس معها اسم مخاطب. (٥) فمن قال:"ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر"، أقر"الكاف" من"ذلك" موحدة مفتوحة في خطاب الواحدة من النساء، والواحد من الرجال، والتحدثنية، والجمع. ومن قال:"ذلكم يوعظ به"، كسر"الكاف" في خطاب الواحدة من النساء، وفتح في خطاب الواحد من الرجال، فقال في خطاب الاثنين


(١) "الأسماء الموضوعات"، كأن"الاسم الموضوع"، هو"الاسم المتمكن، أو المعرب"، ضريع"الاسم غير المتمكن، أو المبني".
(٢) قوله: "غيرها"، أي غير الأسماء.
(٣) في المطبوعة: "وجها فالصواب"، وهي خطأ محض، والصواب من المخطوطة.
(٤) في المطبوعة: "مجاوزة القوم. . . مجاوزتهم" بالجيم والزاي في الموضعين، وهو كلام غير بصير. والصواب ما في المخطوطة وما يقتضيه السياق.
(٥) يعني أنها صارت بمنزلة"هذا" في جريها كأنها كلمة واحدة، وهي مركبة من"الهاء" و"ذا"، الذي هو اسم إشارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>