للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنما تعني بذلك يوما وبعض آخر. وقد توقع الفعل الذي تفعله في الساعة أو اللحظة، على العام والزمان واليوم، فتقول:"زرته عام كذا - (١) وقتل فلان فلانا زمان صفين"، وإنما تفعل ذلك، لأنها لا تقصد بذلك الخبر عن عدد الأيام والسنين، وإنما تعني بذلك الأخبار عن الوقت الذي كان فيه المخبر عنه، فجاز أن ينطق"بالحولين"، و"اليومين"، على ما وصفت قبل. لأن معنى الكلام في ذلك: فعلته إذ ذاك، وفي ذلك الوقت. (٢)

فكذلك قوله:"والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين"، لما جاز الرضاع في الحولين وليسا بالحولين (٣) = (٤) وكان الكلام لو أطلق في ذلك، بغير تضمين الحولين بالكمال، (٥) وقيل:"والوالدات يرضعن أولادهن حولين"، محتملا أن يكون معنيا به حول وبعض آخر= نفي اللبس عن سامعيه بقوله: (٦) "كاملين" أن يكون مرادا به حول وبعض آخر، وأبين بقوله:"كاملين" عن وقت تمام حد الرضاع، وأنه تمام الحولين بانقضائهما، دون انقضاء أحدهما وبعض الآخر.

* * *

قال أبو جعفر: ثم اختلف أهل التأويل في الذي دلت عليه هذه الآية، من مبلغ غاية رضاع المولودين: أهو حد لكل مولود، أو هو حد لبعض دون بعض؟


(١) في المطبوعة: "رزقه عام كذا"، وهو كلام لا خير فيه، والصواب من المخطوطة، وإن كانت غير منقوطة، وحروفها بسيطة القلم.
(٢) سلف هذا بغير هذا اللفظ في الجزء ٤: ١٢٠، ١٢١ وكثير من لفظه هنا في معاني القرآن للفراء ١: ١١٩ - ١٢٠، ومن الموضعين صححنا ما صححناه آنفًا.
(٣) في المطبوعة والمخطوطة: "لما كان الرضاع. . . " وهو تصحيف مخل جدا، والسياق يقتضي قراءته كما أثبت، حتى يستقيم المعنى.
(٤) في المطبوعة والمخطوطة: "فكان" بالفاء، والصواب بالواو، عطفا على قوله: "لما جاز. . . "
(٥) في المطبوعة: "تضمين الحولين بالكمال"، وفي المخطوطة: "تضمين" بغير نقط، والميم كأنها هاء قصيرة، ورجحت أن ذلك من عجلة الناسخ، وأن صوابها"تبيين"، لقوله بعد قليل: "وأبين بقوله: كاملين. . . "، لأن البيان هو التفسير، ومن الصفة تفسير وبيان.
(٦) سياق العبارة: "لما جاز الرضاع. . . وكان الكلام لو أطلق. . . نفى اللبس، جواب"لما".

<<  <  ج: ص:  >  >>