للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على الحكم المأتي يوما إذا قضى قضيته، أن لا يجور ويقصد (١)

فزعم أنه رفع"يقصد" بمعنى"ينبغي". والمحكي عن العرب سماعا غير الذي قال. وذلك أنه روي عنهم سماعا:"فتصنع ماذا"، إذا أرادوا أن يقولوا:"فتريد أن تصنع ماذا"، فينصبونه بنية"أن. وإذا لم ينووا"أن" ولم يريدوها، قالوا:"فتريد ماذا"، فيرفعون"تريد"، لأن لا جالب ل"أن" قبله، كما كان له جالب قبل"تصنع". فلو كان معنى قوله"لا تضار" إذا قرئ رفعا بمعنى:"ينبغي أن لا تضار" أو"ما ينبغي أن تضار"، ثم حذف"ينبغي" و"أن"، وأقيم"تضار" مقام"ينبغي"، لكان الواجب أن يقرأ- إذا قرئ بذلك المعنى- نصبا لا رفعا، ليعلم بنصبه المتروك قبله المعني المراد، كما فعل بقوله:"فتصنع ماذا"، ولكن معنى ذلك ما قلنا إذا رفع على العطف على"تكلف": (٢) ليست تكلف نفس إلا وسعها، وليست تضار والدة بولدها. يعني بذلك أنه ليس ذلك في دين الله وحكمه وأخلاق المسلمين.

* * *

قال أبو جعفر: وأولى القرأتين بالصواب في ذلك قراءة من قرأ بالنصب، لأنه نهي من الله تعالى ذكره كل واحد من أبوي المولود عن مضارة صاحبه له، حرام عليهما ذلك بإجماع المسلمين. فلو كان ذلك خبرا، لكان حراما عليهما ضرارهما به كذلك. (٣)

* * *


(١) سيبويه ١: ٤٣١ الخزانة ٣: ٦١٣ - ٦١٥، وشرح شواهد المغني: ٢٦٣. وقال صاحب الخزانة: "البيت من قصيدة عدتها تسعة عشر بيتا لأبي اللحام التغلبي أو ردها أبو عمرو الشيباني في أشعار تغلب له، وانتخبها أبو تمام، فأورد منها خمسة أبيات في مختار شعر القبائل، وهذا أولها: عمرت وأطولت التفكر خاليا ... وساءلت حتى كاد عمري ينفد
(٢) في المطبوعة: "لا تكلف" بزيادة"لا" وأثبت ما في المخطوطة.
(٣) في المخطوطة والمطبوعة: "لكان حرام" بالرفع، والأجود ما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>