وشيخه أبو عاصم: هو النبيل، الضحاك بن مخلد. وأبو عامر -في الإسناد الثاني: هو العقدي، عبد الملك بن عمرو. محمد بن طلحة بن مصرف -بفتح الصاد وتشديد الراء المكسورة- اليامي: ثقة، أخرج له الشيخان. وبعضهم تكلم فيه بما لا يجرحه. عبد الله بن شداد بن الهاد: نسب أبوه إلى جده، فهو"شداد بن أسامة بن عمرو"، و"عمرو": هو الهاد. قال ابن سعد: "وإنما سمي الهادي، لأنه كان توقد ناره ليلا للأضياف، ولمن سلك الطريق". وعبد الله بن شداد: من كبار التابعين القدماء الثقات، ولد في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى ذكره بعضهم في الصحابة. وله ترجمتان في ابن سعد ٥: ٤٣-٤٤، و ٦: ٨٦-٨٧، وفي الإصابة ٥: ٦٠-٦١، ١٤٥. وأمه"سلمى بنت عميس"، أخت أسماء بنت عميس، فهو يروي هذا الحديث عن خالته. وأسماء بنت عميس: صحابية جليلة. وهي أخت ميمونة بنت الحارث -أم المؤمنين- لأمها. تزوجت أسماء جعفر بن أبي طالب، فقتل عنها، ثم تزوجت أبا بكر الصديق، ثم علي بن أبي طالب. وولدت لهم جميعا. وهي أم محمد بن أبي بكر الصديق. والحديث رواه ابن سعد في الطبقات ٨: ٢٠٦، في ترجمة أسماء -رواه عن عفان بن مسلم، وإسحاق بن منصور، كلاهما عن محمد بن طلحة. ووقع فيه "تسلمى" بالميم بدل الباء. وأنا أرجح أنه خطأ من الناسخين لا من الرواة، وسيأتي أن هذا الخطأ وقع لابن حبان، لكن من الرواة. ورواه أحمد في المسند، بمعناه، ٦: ٣٦٩، ٤٣٨، عن يزيد بن هارون، عن أبي كامل ويزيد بن هارون وعفان - ثلاثتهم عن محمد بن طلحة. ورواه الطحاوي في معاني الآثار ٢: ٤٤ بخمسة أسانيد إلى محمد بن طلحة. ورواه البيهقي ٧: ٤٣٨، من طريق مالك بن إسماعيل، عن محمد بن طلحة، بهذا الإسناد. ثم قال: "لم يثبت سماع عبد الله من أسماء، وقد قيل فيه: عن أسماء. فهو مرسل. ومحمد بن طلحة ليس بالقوى"!! وهو تعليل ضئيل متهافت. تعقبه فيه ابن التركماني في الجوهر النقي. ورواه ابن حزم في المحلى ١٠: ٢٨٠، من وجهين آخرين، عن عبد الله بن شداد، مرسلا، ورده بعلة الإرسال. ولكن ثبت وصله عن غير روايته. وذكره المجد في المنتقى: ٣٨١٩، ٣٨٢٠، من روايتي المسند. ولم ينسبه إلى غيره. ولم يرو في واحد من الكتب الستة، على اليقين من ذلك. فهو من الزوائد عليها. ولكني لم أجده في مجمع الزوائد، بعد طول البحث، في أقرب المظان من أبوابه وأبعدها. وذكره الحافظ في الفتح ٩: ٤٢٩، ووصفه بأنه"قوي الإسناد". وقال: "أخرجه أحمد، وصححه ابن حبان". ونسبه أيضًا للطحاوي. ثم قال: "قال شيخنا في شرح الترمذي: ظاهره أنه لا يجب الإحداد على المتوفى عنها بعد اليوم الثالث، لأن أسماء بنت عميس كانت زوج جعفر بن أبي طالب بالاتفاق، وهي والدة أولاده: عبد الله، ومحمد، وعون، وغيرهم. قال: بل ظاهر النهي أن الإحداد لا يجوز". وأجاب بأن هذا الحديث شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة، وقد أجمعوا على خلافه، ثم ذهب يجمع بينه وبين الأحاديث التي يعارضها، بآراء بعضها قد يقبل، وبعضها فيه تكلف غير مستساغ. وأجود ما قال العلماء في ذلك -عندنا- ما ذهب إليه الطبري هنا في الفقرة الثالثة بعد الحديث: ٥٠٩٠. وقريب منه ما قال المجد بن تيمية في المنتقى: "وهو متأول على المبالغة في الإحداد والجلوس للتعزية". وقال الحافظ، في آخر كلامه، في شأن رواية ابن حبان: "وأغرب ابن حبان، فساق الحديث بلفظ: تسملي، بالميم بدل الموحدة! وفسره بأنه أمرها بالتسليم لأمر الله!! ولا مفهوم لتقييدها بالثلاث، بل الحكمة فيه كون القلق يكون في ابتداء الأمر أشد، فلذلك قيدها بالثلاث! هذا معنى كلامه، فصحف الكلمة وتكلف لتأويلها! وقد وقع في رواية البيهقي وغيره: فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتسلب ثلاثا. فتبين خطؤه". تسلبت المرأة: لبست السلاب (بكسر السين) : وهي ثياب الحداد السود، تلبسها في المأتم.