للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* * *

قال أبو جعفر: والذي نرى في ذلك، أنهما قراءتان صحيحتا المعنى، متفقا التأويل، وإن كان في إحداهما زيادة معنى، غير موجبة اختلافا في الحكم والمفهوم.

وذلك أنه لا يجهل ذو فهم إذا قيل له:"مسست زوجتي"، أن الممسوسة قد لاقى من بدنها بدن الماس، ما لاقاه مثله من بدن الماس. فكل واحد منهما = وإن أفرد الخبر عنه بأنه الذي ماس صاحبه= (١) معقول بذلك الخبر نفسه أن صاحبه المسوس قد ماسه. (٢) فلا وجه للحكم لإحدى القراءتين= مع اتفاق معانيهما، وكثرة القرأة بكل واحدة منهما= (٣) بأنها أولى بالصواب من الأخرى، بل الواجب أن يكون القارئ، بأيتهما قرأ، مصيب الحق في قراءته.

* * *

قال أبو جعفر: وإنما عنى الله تعالى ذكره بقوله:"لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن"، المطلقات قبل الإفضاء إليهن في نكاح قد سمي لهن فيه الصداق. وإنما قلنا أن ذلك كذلك، لأن كل منكوحة فإنما هي إحدى اثنتين: إما مسمى لها الصداق، أو غير مسمى لها ذلك. فعلمنا بالذي يتلو ذلك من قوله تعالى ذكره، أن المعنية بقوله:"لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن"، إنما هي المسمى لها. لأن المعنية بذلك، لو كانت غير المفروض لها الصداق، لما كان لقوله:"أو تفرضوا لهن فريضة"، معنى معقول. إذ كان لا معنى لقول قائل:"لا جناح عليكم إذا طلقتم النساء ما لم تفرضوا لهن فريضة في نكاح لم تماسوهن فيه، أو ما لم تفرضوا لهن فريضة". فإذا كان لا معنى لذلك، فمعلوم أن الصحيح من التأويل في ذلك: لا جناح عليكم إن طلقتم المفروض لهن من نسائكم الصداق قبل أن تماسوهن، وغير المفروض لهن قبل الفرض.

* * *


(١) في المخطوطة والمطبوعة: "ماس صاحبه"، والأجود أن يقول: "مس صاحبه".
(٢) في المخطوطة: "فذلك الخبر نفسه"، وفي المطبوعة: "كذلك الخبر. . . "، وكلتاهما فاسدة مسلوبة المعنى.
(٣) في المطبوعة: "وكثرة القراءة"، وهو فاسد، والقَرَأَة جمع قارئ كما سلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>