للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو جعفر: وأما"الموسع"، فهو الذي قد صار من عيشه إلى سعة وغنى، يقال منه:"أوسع فلان فهو يوسع إيساعا وهو موسع".

* * *

وأما"المقتر"، فهو المقل من المال، يقال:"قد أقتر فهو يقتر إقتارا، وهو مقتر".

* * *

واختلف القرأة في قراءة"القدر". (١)

فقرأه بعضهم:"على الموسع قدره وعلى المقتر قدره". بتحريك"الدال" إلى الفتح من"القدر"، توجيها منهم ذلك إلى الاسم من"التقدير"، الذي هو من قول القائل:"قدر فلان هذا الأمر".

* * *

وقرأ آخرون بتسكين"الدال" منه، توجيها منهم ذلك إلى المصدر من ذلك، كما قال الشاعر. (٢)

وما صب رجلي في حديد مجاشع ... مع القدر، إلا حاجة لي أريدها (٣)

* * *

والقول في ذلك عندي أنهما جميعا قراءتان قد جاءت بهما الأمة، ولا تحيل القراءة بإحداهما معنى في الأخرى، بل هما متفقتا المعنى. فبأي- القراءتين قرأ القارئ ذلك، فهو للصواب مصيب.

وإنما يجوز اختيار بعض القراءات على بعض لبينونة المختارة على غيرها بزيادة


(١) في المطبوعة: "واختلف القراء"، وأثبت ما في المخطوطة، والمطبوعة تغير نص المخطوطة حيثما ذكر"القَرَأَة" إلى"القراء"، فلن نشير إليه بعد هذا الوضع.
(٢) هو الفرزدق فيما يقال.
(٣) ديوانه: ٢١٥ نقلا عن اللسان (صبب) ، وهو في اللسان أيضًا في (قدر) ، ومقاييس اللغة ٥: ٦٢، والأساس (صبب) ، وإصلاح المنطق: ١٠٩، وتهذيب إصلاح المنطق ١: ١٦٨ وقال أبو محمد: "ذكر يعقوب أن هذا البيت للفرزدق، ولم أجده في شعره ولا في أخباره". وكأن البيت ليس للفرزدق، لذكره"حديد مجاشع"، وهو جده. وجرير كان يعيره بأنه"ابن القين"، فأنا أستبعد أن يذكر الفرزدق في شعره"حديد مجاشع". وقال التبريزي في شرح البيت: "يقول: كان حبسي قدره الله علي، وكان لي فيه حاجة، ولم يكن لي منه بد". وهو معنى غير بين. ويقال: صب القيد في رجله، أي قيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>