للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بمعنى: فأحلامهم غير عوازب. والشواهد على ذلك أكثر من أن تحصى.

* * *

فتأويل الكلام: إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح، (١) وهو الزوج الذي بيده عقدة نكاح نفسه في كل حال قبل الطلاق وبعده= لأن معناه: أو يعفو الذي بيده عقدة نكاحهن، فيكون تأويل الكلام ما ظنه القائلون أنه الولي ولي المرأة. لأن ولي المرأة لا يملك عقدة نكاح المرأة بغير إذنها، إلا في حال طفولتها، وتلك حال لا يملك العقد عليها إلا بعض أوليائها، في قول أكثر من رأى أن الذي بيده عقدة النكاح الولي. ولم يخصص الله تعالى ذكره بقوله:"أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح" بعضا منهم، فيجوز توجيه التأويل إلى ما تأولوه، لو كان لما قالوا في ذلك وجه.

* * *

وبعد، فإن الله تعالى ذكره إنما كنى بقوله:"وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون" = عن ذكر النساء اللاتي قد جرى ذكرهن في الآية قبلها، وذلك قوله:"لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن"، والصبايا لا يسمين"نساء"، وإنما يسمين صبيا أو جواري، وإنما"النساء" في كلام العرب أجمع، اسم المرأة، ولا تقول العرب للطفلة والصبية والصغيرة"امرأة"، كما لا تقول للصبي الصغير"رجل".

وإذ كان ذلك كذلك، وكان قوله:"أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح"، عند الزاعمين أنه الولي إنما هو: أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح عما وجب لوليته التي تستحق أن يولي عليها مالها إما الصغر وإما السفه، (٢) والله تعالى ذكره إنما اقتص في الآيتين قصص النساء المطلقات لعموم الذكر دون خصوصه، وجعل


(١) في المخطوطة والمطبوعة"عقدة النكاح"، والصواب الذي يقتضيه التأويل وسياق الكلام بعده، هو ما أثبت.
(٢) في المخطوطة والمطبوعة: "إما لصغر وإما لسفه"، والصواب ما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>