للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قال قائل: وما في الصفح عن ذلك من القرب من تقوى الله، فيقال للصافح العافي عما وجب له قبل صاحبه: فعلك ما فعلت أقرب لك إلى تقوى الله؟ قيل له: الذي في ذلك من قربه من تقوى الله، مسارعته في عفوه ذلك إلى ما ندبه الله إليه، ودعاه وحضه عليه. فكان فعله ذلك- إذا فعله ابتغاء مرضاة الله، وإيثار ما ندبه إليه على هوى نفسه- معلوما به، إذ كان مؤثرا فعل ما ندبه إليه مما لم يفرضه عليه على هوى نفسه، أنه لما فرضه عليه وأوجبه أشد إيثارا، ولما نهاه أشد تجنبا. وذلك هو قربه من التقوى.

* * *

القول في تأويل قوله: {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولا تغفلوا، أيها الناس، الأخذ بالفضل بعضكم على بعض فتتركوه، (١) ولكن ليتفضل الرجل المطلق زوجته قبل مسيسها، فيكمل لها تمام صداقها إن كان لم يعطها جميعه. وإن كان قد ساق إليها جميع ما كان فرض لها، فليتفضل عليها بالعفو عما يجب له ويجوز له الرجوع به عليها، وذلك نصفه. فإن شح الرجل بذلك وأبى إلا الرجوع بنصفه عليها، فالتتفضل المرأة المطلقة عليه برد جميعه عليه، إن كانت قد قبضته منه. وإن لم تكن قبضته، فتعفو [عن] جميعه. (٢) فإن هما لم يفعلا ذلك وشحا وتركا ما ندبهما الله إليه - من أخذ أحدهما على صاحبه بالفضل - فلها نصف ما كان فرض لها في عقد النكاح وله نصفه.


(١) انظر معنى"النسيان" فيما سلف ٢: ٩، ٤٧٦.
(٢) ما بين القوسين زيادة يقتضيها السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>