وهذه الروايات الثلاث المنقطعة بين نافع وحفصة: ٥٤٠٦، ٥٤٦٢، ٥٤٦٣- هي في حقيقتها متصلة، إذ عرفنا الواسطة بينهما، وهو"عمرو بن رافع" مولى عمر، أو مولى حفصة بنت عمر. وهو الذي كتب لها المصحف المذكور في هذه الروايات: فروى نحوه الطحاوي في معاني الآثار ١: ١٠٢، من طريق إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق، قال: "حدثني أبو جعفر محمد بن علي، ونافع مولى عبد الله بن عمر، أن عمرو بن رافع مولى عمر بن الخطاب حدثهما: أنه كان يكتب المصاحف عى عهد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم. قال: استكتبتني حفصة بنت عمر زوج النبي صلى الله عليه وسلم مصحفا، وقالت لي: إذا بلغت هذه الآية من سورة البقرة فلا تكتبها حتى تأتيني، فأمليها عليك كما حفظتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فلما بلغتها أتيتها بالورقة التي أكتبها، فقالت: اكتب: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر". وكذلك رواه ابن أبي داود في المصاحف، ص: ٨٦، من طريق محمد بن إسحاق. بهذا الإسناد، نحوه. وكذلك رواه البيهقي ١: ٤٦٢ - ٤٦٣، بإسناده من طريق ابن إسحاق، إلا أن في روايته"عمر بن رافع" بدل"عمرو"، وكأنه في كلامه يشير إلى أن هذا خطأ من ابن إسحاق. وهو في هذا واهم، فإن روايتي الطحاوي وابن أبي داود من طريق ابن إسحاق - فيما"عمرو" على الصواب. فالخطأ هو ممن دون ابن إسحاق عنده. وإسناد الحديث من هذا الوجه صحيح. أبو جعفر محمد بن علي: هو الباقر، محمد بن علي بن الحسين علي بن أبي طالب، وهو تابعي ثقة مجمع عليه. عمرو بن رافع مولى عمر: تابعي ثقة. ترجمه ابن سعد في الطبقات ٥: ٢٢٠، وابن أبي حاتم ٣ /١ /٢٣٢، ووثقه ابن حبان. وقال السيوطي في رجال الموطأ: "ليست له رواية في الكتب الستة، ولا مسند أحمد". وفي التهذيب أن البخاري ذكره فقال: "قال بعضهم: عمر بن رافع، ولا يصح. وقال بعضهم: أبو رافع". وقال بعضهم أيضًا: "عمرو بن نافع". وهي ثابتة في رواية ابن أبي داود. والراجح الصحيح: "عمرو بن رافع"، لثبوته كذلك في روايات أخر لهذا الحديث مرفوعا وموقوفا، ومنها الروايتان الآتيان عقب هذه. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٦: ٣٢٠"عن عمرو بن رافع مولى عمر بن الخطاب". وقال: "رواه أبو يعلى، ورجاله ثقات". وذكره السيوطي ١: ٣٠٢، وزاد نسبته لأبي عبيد، وعبد بن حميد، وابن الأنباري في المصاحف. وروى مالك في الموطأ، نحو هذا الحديث، ص: ١٣٩، موقوفا على حفصة - عن زيد بن أسلم، عن عمرو بن رافع. وكذلك رواه الطحاوي ١: ١٠٢، وابن أبي داود. ص: ٨٦-٨٧، والبيهقي ١: ١٦٢ - كلهم من طريق مالك، به.