للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٥٤٩٥- حدثنا بذلك أبو كريب قال، حدثنا وكيع، وحدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال، حدثنا أيوب بن سويد، [عن الأوزاعي، عن يحيى بن كثير] عن أبي قلابة، عن أبي المهاجر، عن بريدة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. (١)


(١) الحديث: ٥٤٩٥- وقع هذا الإسناد ناقصا راويين في المخطوطة والمطبوعة. وقد اضطررت لزيادتهما بين قوسين: [عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير] ، حتى يستقيم الإسناد.
فأما أولا: فإن وكيعا وأيوب بن سويد لم يدركا أن يرويا عن أبي قلابة، وكلاهما يروي عن الأوزاعي.
وأما ثانيا: فإن هذا الحديث حديث الأوزاعي، عرف به، وعرف أنه خالف غيره في إسناده ومتنه. ونص على ذلك الأئمة.
وأما ثالثا: فإن تخريجه إنما هو على هذا النحو، كما سيأتي في التخريج، إن شاء الله.
وقد رواه أبو جعفر هنا من طريقين: رواه عن أبي كريب عن وكيع، ورواه عن محمد بن عبد الله ابن عبد الحكم عن أيوب بن سويد - ثم يجتمع الإسنادان. فيرويه وكيع وأيوب بن سويد، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة.
وأيوب بن سويد الرملي، أبو مسعود السيباني: ضعفه أحمد، وابن معين، وغيرهما. وقال البخاري في الكبير ١ /١ / ٤١٧: "يتكلمون فيه". وقد قلت في شرح الحديث ٧٠٠٠ من المسند، ج١١ ص٢٠٤: "عندي أن أعدل ما قيل فيه، ما نقل الحافظ في التهذيب عن ابن حبان في الثقات، قال: كان رديء الحفظ، يخطئ، يتقي حديثه من رواية ابنه محمد بن أيوب عنه، لأن أخباره إذا سبرت من غير رواية ابنه عنه، وجد أكرها مستقيمة".
ثم هو لم ينفرد هنا برواية هذا الحديث، بل رواه معه وكيع. ووكيع هو وكيع.
و"السيباني"، بفتح السين المهملة: نسبة إلى"سيبان"، بطن من حمير.
وأبو المهاجر: تابعي، كما هو ظاهر من الإسناد. ولم يقولوا فيه شيئا، إلا أن الأوزاعي ذكره هكذا في الإسناد، وأن المحفوظ: "عن أبي قلابة، عن أبي المليح، عن بريدة". كما سيأتي.
والحديث -من هذا الوجه- رواه أحمد في المسند ٥: ٣٦١ (حلبي) ، عن وكيع: "حدثنا الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أبي المهاجر، عن بريدة، قال: كما معه في غزاة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بكروا بالصلاة في اليوم الغنيم، فإنه من فاته صلاة العصر فقد حبط عمله".
وكذلك رواه ابن ماجه: ٦٩٤، من طريق الوليد بن مسلم: "حدنا الأوزاعي، حدثني يحيى ابن أبي كير، عن أبي قلابة. . . " فذكره بنحوه.
وكذلك رواه البيهقي في السنن الكبري ١: ٤٤٤، من طريق عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، عن الأوزاعي، بهذا الإسناد، نحوه.
وأما الرواية التي خالفها الأوزاعي:
فهي ما روى البخاري ٢: ٢٦ (فتح) ، عن مسلم بن إبراهيم، عن هشام -وهو الدستوائي-: "أخبرنا يحيى بن أبي كير، عن أبي قلابة، عن أبي المليح، قال: كنا مع بريدة في غزوة، في يوم ذي غنيم، فقال: بكروا بصلاة العصر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله".
ثم رواه البخاري مرة أخرى ٢: ٥٣ (فتح) ، عن معاذ بن فضالة، عن هشام، عن يحيى، بهذا الإسناد نحوه. وقد جعل البخاري عنوان الباب لهذا الحديث: "باب التبكير بالصلاة في يوم غيم". وهذا يدل على أنه لا يرى ضعف رواية الأوزاعي، وإن لم تكن على شرطه، وهذه عادته. ولذلك قال الحافظ: "من عادة البخاري أن يترجم ببعض ما اشتمل عليه ألفاظ الحديث، ولو لم يوردها، بل ولو لم يكن على شرطه.
وقال الحافظ في الموضع الأول: "وتابع هشاما على هذا الإسناد عن يحيى بن أبي كير-: شيبان، ومعمر، وحديثهما عند أحمد. وخالفهم الأوزاعي، فرواه عن يحيى، عن أبي قلابة، عن أبي المهاجر، عن بريدة. والأول هو المحفوظ. وخالفهم أيضًا في سياق المتن".
يعني لأن الأوزاعي جعل الأمر بالتبكير في صلاة الغيم، من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم. والآخرون جعلوه من كلام بريدة. وأن المرفوع هو: "من فاتته العصر فقد حبط عمله".
وأنا أميل إلى صحة الروايتين، إذ هما من مخرجين: فأحد الروايين سمع الصحابي يقوله من عند نفسه، والآخر يقوله مرفوعا. ومثل هذا كثير.
وقد وهم الحافظ ابن كثير وهما شديدا، حين ذكر رواية الأوزاعي ١: ٥٨٠، وقال إنها"في الصحيح"! فإن رواية الأوزاعي لم يروها من أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه. والرواية الأخرى -رواية هشام الدستوائي- لم يروها منهم إلا البخاري والنسائي. ووقع في نسخة ابن كثير خطأ في الإسناد. نرجح أنه من الناسخين.
ورواية هشام الدستوائي، رواها أيضًا أحمد في المسند ٥: ٣٤٩-٣٥٠، ٣٥٧، ٣٦٠ (حلبي) ورواه النسائي ١: ٨٣، والبيهقي ١: ٤٤٤.
ورواية شيبان، ومعمر، عن يحيى بن أبي كثير، اللتين أشار الحافظ إلى أنهما عند أحمد - ما في المسند ٥: ٣٥٠، ٣٦٠ (حلبي) .
وذكر السيوطي ١: ٢٩٩ آخره المرفوع في الروايتين، وزاد نسبته لابن أبي شيبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>