للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب في تأويل قوله:"وقوموا لله قانتين"، قول من قال: تأويله:"مطيعين".

وذلك أن أصل"القنوت"، الطاعة، وقد تكون الطاعة لله في الصلاة بالسكوت عما نهى الله [عنه] من الكلام فيها. (١) ولذلك وجه من وجه تأويل"القنوت" في هذا الموضع، إلى السكوت في الصلاة= أحد المعاني التي فرضها الله على عباده فيها= إلا عن قراءة قرآن أو ذكر له بما هو أهله. ومما يدل على أنهم قالوا ذلك كما وصفنا، قول النخعي ومجاهد الذي: -

٥٥٣٤- حدثنا به أحمد بن إسحاق الأهوازي قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، ومجاهد قالا كانوا يتكلمون في الصلاة، يأمر أحدهم أخاه بالحاجة، فنزلت"وقوموا لله قانتين"، قال: فقطعوا الكلام. و"القنوت": السكوت، و"القنوت" الطاعة.

* * *

فجعل إبراهيم ومجاهد"القنوت" سكوتا في طاعة الله، على ما قلنا في ذلك من التأويل.

وقد تكون الطاعة لله فيها بالخشوع، وخفض الجناح، وإطالة القيام، وبالدعاء، لأن كل [ذلك] غير خارج من أحد معنيين: (٢) من أن يكون مما أمر به المصلي، أو مما ندب إليه، والعبد بكل ذلك لله مطيع، وهو لربه فيه قانت. و"القنوت": أصله الطاعة لله، ثم يستعمل في كل ما أطاع الله به العبد.

* * *

فتأويل الآية إذا: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى، وقوموا لله فيها مطيعين، بترك بعضكم فيها كلام بعض وغير ذلك من معاني الكلام، سوى قراءة


(١) في المطبوعة: "عما نهى الله من الكلام"، وفي المخطوطة"عما نهاه الله"، والزيادة بين القوسين لا بد منها، كأنها سقط من ناسخ.
(٢) في المطبوعة: "لأن كلا غير خارج"، وفي المخطوطة: "لأن كل غير خارج"، فرجحت سقوط"ذلك" من ناسخ المخطوطة، واجتهد مصحح المطبوعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>