للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال بعضهم: إنما معنى قوله"ختم الله على قُلوبهم" إخبارٌ من الله جل ثناؤه عن تكبرهم، وإعراضهم عن الاستماع لِمَا دُعُوا إليه من الحق، كما يقال:"إنّ فلانًا لأصَمُّ عن هذا الكلام"، إذا امتنع من سَمَاعه، ورفع نفسه عن تفهُّمه تكبرًا.

قال أبو جعفر: والحق في ذلك عندي ما صَحَّ بنظيره الخبرُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ما:-

٣٠٤- حدثنا به محمد بن بشار قال: حدثنا صفوان بن عيسى، قال: حدثنا ابن عَجْلان، عن القَعْقَاع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنّ المؤمنَ إذا أذنب ذنبًا كانت نُكْتهٌ سوداءُ في قلبه، فإن تاب وَنزع واستغفر، صَقَلت قلبه، فإن زاد زادت حتى تُغْلق قلبه، فذلك"الرَّانُ" الذي قال الله جل ثناؤه: (كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (١) [سورة المطففين: ١٤] .


(١) الحديث ٣٠٤- سيأتي في الطبري بهذا الإسناد ٣٠: ٦٢ بولاق. ورواه هناك بإسناد آخر قبله، وبإسنادين آخرين بعده: كلها من طريق محمد بن عجلان عن القعقاع.
محمد بن بشار: هو الحافظ البصري، عرف بلقب"بندار" بضم الباء وسكون النون. روى عنه أصحاب الكتب الستة وغيرهم من الأئمة. ووقع في المطبوعة هنا"محمد بن يسار"، وهو خطأ. ابن عجلان، بفتح العين وسكون الجيم: هو محمد بن عجلان المدني، أحد العلماء العاملين الثقات. القعقاع بن حكيم الكناني المدني: تابعي ثقة. أبو صالح: هو السمان، واسمه"ذكوان". تابعي ثقة، قال أحمد: "ثقة ثقة، من أجل الناس وأوثقهم".
والحديث رواه أحمد في المسند ٧٩٣٩ (٢: ٢٩٧ حلبي) عن صفوان بن عيسى، بهذا الإسناد. ورواه الحاكم ٢: ٥١٧ من طريق بكار بن قتيبة القاضي عن صفوان. وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. ورواه الترمذي ٤: ٢١٠، وابن ماجه ٢: ٢٩١، من طريق محمد بن عجلان. قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
وذكره ابن كثير ١: ٨٤ من رواية الطبري هذه، ثم قال: هذا الحديث من هذا الوجه، قد رواه الترمذي والنسائي عن قتيبة عن الليث بن سعد، وابن ماجه عن هشام بن عمار عن حاتم بن إسماعيل والوليد ابن مسلم - ثلاثتهم عن محمد بن عجلان، به. وقال الترمذي: "حسن صحيح"، ثم ذكره مرة أخرى ٩: ١٤٣ من رواية هؤلاء ومن رواية أحمد في المسند. وذكره السيوطي ٦: ٣٢٥، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وابن حبان، وابن المنذر، وابن مردويه، والبيهقي في شعب الإيمان.
وفي متن الحديث هنا، في المطبوعة"كان نكتة. . . صقل قلبه. . . حتى يغلف قلبه". وهو في رواية الطبري الآتية، كما في المخطوطة، إلا قوله"حتى تغلق قلبه"، فهي هناك"حتى تعلو قلبه".

<<  <  ج: ص:  >  >>