للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حولهم، فأمر ابنيه أن يخرجا بالناس فيقاتلا ذلك العدو. فخرجا وأخرجا معهما التابوت الذي كان فيه اللوحان وعصا موسى لينصروا به. (١) فلما تهيئوا للقتال هم وعدوهم، جعل عيلي يتوقع الخبر: ماذا صنعوا؟ فجاءه رجل يخبره وهو قاعد على كرسيه: إن ابنيك قد قتلا وإن الناس قد انهزموا! قال: فما فعل التابوت؟ قال: ذهب به العدو! قال: فشهق ووقع على قفاه من كرسيه فمات. وذهب الذين سبوا التابوت حتى وضعوه في بيت آلهتهم، ولهم صنم يعبدونه، فوضعوه تحت الصنم، والصنم من فوقه، فأصبح من الغد والصنم تحته وهو فوق الصنم. ثم أخذوه فوضعوه فوقه وسمروا قدميه في التابوت، فأصبح من الغد قد تقطعت يدا الصنم ورجلاه، وأصبح ملقى تحت التابوت. فقال بعضهم لبعض: قد علمتم أن إله بني إسرائيل لا يقوم له شيء، فأخرجوه من بيت آلهتكم! فأخرجوا التابوت فوضعوه في ناحية من قريتهم، فأخذ أهل تلك الناحية التي وضعوا فيها التابوت وجع في أعناقهم، فقالوا: ما هذا؟! فقالت لهم جارية كانت عندهم من سبي بني إسرائيل: لا تزالون ترون ما تكرهون ما كان هذا التابوت فيكم! فأخرجوه من قريتكم! قالوا: كذبت! قالت: إن آية ذلك أن تأتوا ببقرتين لهما أولاد لم يوضع عليهما نير قط، ثم تضعوا وراءهم العجل، (٢) ثم تضعوا التابوت على العجل وتسيروهما وتحبسوا أولادهما، فإنهما تنطلقان به مذعنتين، (٣) حتى إذا خرجتا من أرضكم ووقعتا في أرض بني إسرائيل كسرتا نيرهما، وأقبلتا إلى أولادهما. ففعلوا ذلك، فلما خرجتا من أرضهم ووقعتا في أدنى أرض بني إسرائيل كسرتا نيرهما، وأقبلتا إلى أولادهما. ووضعتاه في خربة فيها حصاد من بني إسرائيل، (٤) ففزع إليه بنو إسرائيل وأقبلوا إليه، فجعل لا يدنو منه أحد إلا مات. فقال لهم نبيهم شمويل: اعترضوا، (٥) فمن آنس من نفسه قوة فليدن منه. فعرضوا عليه الناس، فلم يقدر أحد يدنو منه إلا رجلان من بني إسرائيل، (٦) أذن لهما بأن يحملاه إلى بيت أمهما، وهي أرملة. فكان في بيت أمهما حتى ملك طالوت، فصلح أمر بني إسرائيل مع أشمويل. (٧)

٥٦٥٩- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال، حدثني بعض أهل العلم، عن وهب بن منبه قال: قال شمويل لبني إسرائيل لما قالوا له: أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال؟ قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم، وإن آية ملكه= وإن تمليكه من قبل الله= أن يأتيكم التابوت، فيرد عليكم الذي فيه من السكينة وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون، وهو الذي كنتم تهزمون به من لقيكم من العدو، وتظهرون به عليه. قالوا: فإن جاءنا التابوت فقد رضينا وسلمنا! وكان العدو الذين أصابوا التابوت أسفل من الجبل جبل إيليا فيما بينهم وبين مصر، وكانوا أصحاب أوثان، وكان فيهم جالوت. وكان جالوت رجلا قد أعطي بسطة في الجسم، وقوة في البطش، وشدة في الحرب، مذكورا بذلك في الناس. وكان التابوت حين استبي قد جعل في قرية من قرى فلسطين يقال لها:"أزدود"، (٨) فكانوا قد جعلوا التابوت في


(١) في التاريخ: "لينتصروا به"، أي ليجلبوا النصر لأنفسهم به.
(٢) في المطبوعة: "وراءهم" والصواب من التاريخ والمخطوطة. والنير: الخشبة التي تكون على عنق الثور بأداتها.
(٣) في المطبوعة: " ينطلقان مذعنين"، والصواب من المخطوطة والتاريخ.
(٤) في المطبوعة: "حضار"، وفي المخطوطة: "حصار"، غير منقوطة، والصواب ما في التاريخ.
(٥) في التاريخ: "اعرضوا"، وهما سواء.
(٦) في التاريخ: "فلم يقدر أحد على أن يدنو منه"، والذي في المخطوطة والمطبوعة حسن.
(٧) الأثر: ٥٦٥٨- في التاريخ ١: ٢٤٣- ٢٤٤، وهو صدر الأثر السالف رقم: ٥٦٣٧، وساقهما الطبري في التاريخ سياقا واحدا.
(٨) في المطبوعة: "يقال لها: أردن"، وهو خطأ لا شك فيه، وأما ما في المخطوطة فهو، "أردود" بالراء، وأنا أظنه بالزاي وأثبته كذلك. فإنه الذي في كتاب القوم في"كتاب صموئيل الأول" الإصحاح الخامس: "أشدود"، وقال صاحب قاموسهم: "أشدود" (حصن، معقل) ، إحدى مدن فلسطين الخمس المحالفة ... وموقعها على ثلاثة أميال من البحر المتوسط بين غزة ويافا. قال: وهي الآن قرية حقيرة تسمى: أسدود، وفي جوارها خرائب كثيرة". والذي يرجع ما ظننته أنها بالزاي أن ابن كثير قال في تفسيره ١: ٦٠٢ أنه يقال لها: " أزدوه"، وقال مصحح التفسير بهامشه أنها في نسخة الأزهر: "أزدرد". وفي البغوي بهامش ابن كثير ١: ٦٠١"أزدود" كما أثبتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>