للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"السكينة" في كلام العرب"الفعيلة"، من قول القائل:"سكن فلان إلى كذا وكذا"= إذا اطمأن إليه وهدأت عنده نفسه="فهو يسكن سكونا وسكينة"، مثل قولك:"عزم فلان هذا الأمر عزما وعزيمة"، و"قضى الحاكم بين القوم قضاء وقضية"، ومنه قول الشاعر: (١)

لله قبر غالها! ماذا يجن? ... لقد أجن سكينة ووقارا

* * *

وإذا كان معنى"السكينة" ما وصفت، فجائز أن يكون ذلك على ما قاله علي بن أبي طالب على ما روينا عنه، وجائز أن يكون ذلك على ما قاله مجاهد على ما حكينا عنه، وجائز أن يكون ما قاله وهب بن منبه وما قاله السدي، لأن كل ذلك آيات كافيات تسكن إليهن النفوس، وتثلج بهن الصدور. وإذا كان معنى"السكينة" ما وصفنا، فقد اتضح أن الآية التي كانت في التابوت، التي كانت النفوس تسكن إليها لمعرفتها بصحة أمرها، إنما هي مسماة بالفعل وهي غيره، (٢) لدلالة الكلام عليه.

* * *

القول في تأويل قوله: {وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ}

قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"وبقية"، الشيء الباقي، من قول القائل:"قد بقي من هذا الأمر بقية"، وهي"فعلية" منه، نظير"السكينة" من"سكن".

* * *


(١) أنشده ابن بري لأبي عريف الكليبي. وأنا في شك من صحة اسمه.
(٢) يعني بقوله: " الفعل" مصدر الفعل"سكن"، وهو"السكينة"، كما يقال: "رجل عدل"، فلو سميت الرجل"عدلا"، كان مسمى بالفعل، وهو غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>