للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمعنى لمائه. وإنما ترك ذكر"الماء" اكتفاء بفهم السامع بذكر النهر لذلك: (١) أن المراد به الماء الذي فيه.

* * *

ومعنى قوله:"لم يطعمه"، لم يذقه، يعني: ومن لم يذق ماء ذلك النهر فهو مني= يقول: هو من أهل ولايتي وطاعتي، والمؤمنين بالله وبلقائه. ثم استثنى من"من" في قوله:"ومن لم يطعمه"، المغترفين بأيديهم غرفة، (٢) فقال: ومن لم يطعم ماء ذلك النهر، (٣) إلا غرفة يغترفها بيده، فإنه مني.

* * *

ثم اختلفت القرأة في قراءة قوله:"إلا من اغترف غرفة بيده".

فقرأه عامة قرأة أهل المدينة والبصرة: (غرفة) ، بنصب"الغين" من"الغرفة" بمعنى الغرفة الواحدة، من قولك،"اغترفت غرفة"، و"الغرفة"، و"الغرفة" هي الفعل


(١) في المخطوطة والمطبوعة: "كذلك"، والصواب ما أثبت، وسياق العبارة: اكتفاء بفهم السامع لذلك بذكر النهر: أن المراد٠٠
(٢) أكثر المفسرين قد جعل الاستثناء من قوله: "فن شرب منه"، وقال أبوحيان في تفسيره ١: ٢٦٥ وقال: "وقع في بعض التصانيف ما نصه: "إلا من اغترف"، استثناء من الأولى، وإن شئت من الثانية، لأنه حكم على أن من لم يطعمه فإنه منه، فيلزم في الاستثناء من هذا أن من اغترف منه بيده غرفة فليس منه. والأمر ليس كذلك، لأنه مفسوح لهم الاغتراف غرفة باليد دون الكروع فيه. وهو ظاهر الاستثناء من الأولى، لأنه حكم فيها: أن من شرب منه فليس منه، فيلزم في الاستثناء أن من اغترف غرفة بيده منه، فإنه منه، إذ هو مفسوح له في ذلك. وهكذا الإستثناء، يكون من النفى إثباتا، ومن الإثبات نفيا، على الصحيح من المذاهب في هذه المسالة".
وانظر أيضًا تعليق ابن المنير على الكشاف بهامش ١: ١٤٩- ١٥٠، وأما العكبري في إعراب القرآن إنه قال: "إلا من اغترب-استثناء من الجنس، وموضعه نصب. وأنت بالخيار، إن شئت جعلته استثناء من"من الأولى، وإن شئت من"من"الثانية". وهذا يرجع صواب معنى الطبري، وصواب ما صححناه، فإنهكان في المخطوطة والمطبوعة: "ثم استثنى من قوله٠٠". والمخطوطة كما أسلف مرارا مضطربة في هذا الموضع، وفي مواضع من أشياء ذلك. وسترى ذلك في التعليق التالي.
والظاهر أن الطبري أراد أن القوم كانوا فئتين: فئه شربت من الماء، وفئة مؤمنة لم تطعم من الماء إلا غرفة. وبذلك يصح كل ما قاله. وهذا بين سيأتي بعد في ص ٣٤٨- ٣٥٠ أن من جاوز مع طالوت النهر: الذي لم يشرب من الماء إلا الغرفة، والكافر الذي شرب منه الكثير". وكأن المؤمنين جميعا -عنده- قد شربوا من الماء غرفة. هذا ما أرجحه، والله ولى التوفيق.
(٣) في المخطوطة: "فقالوا: من لم يطعم ومن لم يطعم ماء ذلك النهر٠٠" وهو خلط من الكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>