للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولقائه، وانخزل عنه أهل الشرك والنفاق= (١) وهم الذين قالوا:"لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده" = ومضى أهل البصيرة بأمر الله على بصائرهم، وهم أهل الثبات على الإيمان، فقالوا:"كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين".

* * *

فإن ظن ذو غفلة أنه غير جائز أن يكون جاوز النهر مع طالوت إلا أهل الإيمان الذين ثبتوا معه على إيمانهم، ومن لم يشرب من النهر إلا الغرفة، لأن الله تعالى ذكره قال:"فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه"، فكان معلوما أنه لم يجاوز معه إلا أهل الإيمان، على ما روي به الخبر عن البراء بن عازب، ولأن أهل الكفر لو كانوا جاوزوا النهر كما جاوزه أهل الإيمان، لما خص الله بالذكر في ذلك أهل الإيمان= (٢) فإن الأمر في ذلك بخلاف ما ظن. وذلك أنه غير مستنكر أن يكون الفريقان- أعني فريق الإيمان وفريق الكفر جاوزوا النهر، وأخبر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم، عن المؤمنين بالمجاوزة، لأنهم كانوا من الذين جاوزوه مع ملكهم وترك ذكر أهل الكفر، وإن كانوا قد جاوزوا النهر مع المؤمنين.

والذي يدل على صحة ما قلنا في ذلك، قول الله تعالى ذكره:"فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا: لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله"، فأوجب الله تعالى ذكره أن"الذين يظنون أنهم ملاقو الله"، هم الذين قالوا عند مجاوزة النهر:"كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله"، دون غيرهم الذين لا يظنون أنهم ملاقو


(١) في المطبوعة: "وانخذل عنه"، بالذال، وهو خطأ غث لا يقال هنا، والصواب في المخطوطة. وانخزل عنه: انقطع وانفرد، وفي حديث آخر: "انخزل عبد الله بن أبي من ذلك المكان"، أي انفرد ورجع بقومه.
(٢) السياق: "فإن ظن ذو غفلة٠٠ فإن الأمر في ذلك بخلاف ما ظن".

<<  <  ج: ص:  >  >>