٥٧٥٩ - حدثت عن عمار، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله:"ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات" يقول: من بعد موسى وعيسى.
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: ولكن اختلف هؤلاء الذين من بعد الرسل، لما لم يشأ الله منهم تعالى ذكره أن لا يقتتلوا، فاقتتلوا من بعد ما جاءتهم البينات من عند ربهم بتحريم الاقتتال والاختلاف، وبعد ثبوت الحجة عليهم بوحدانية الله ورسالة رسله ووحي كتابه، فكفر بالله وبآياته بعضهم، وآمن بذلك بعضهم. فأخبر تعالى ذكره: أنهم أتوا ما أتوا من الكفر والمعاصي، (١) بعد علمهم بقيام الحجة عليهم بأنهم على خطأ، تعمدا منهم للكفر بالله وآياته.
ثم قال تعالى ذكره لعباده:"ولو شاء الله ما اقتتلوا"، يقول: ولو أراد الله أن يحجزهم - بعصمته وتوفيقه إياهم- عن معصيته فلا يقتتلوا، ما اقتتلوا ولا اختلفوا="ولكن الله يفعل ما يريد"، بأن يوفق هذا لطاعته والإيمان به فيؤمن به ويطيعه، ويخذل هذا فيكفر به ويعصيه.
* * *
(١) في المخطوطة: "أتوا ما أنزل من الكفر"، وهو سهو فاحش من شدة عجلة الكاتب، كما تتبين ذلك جليا من تغيُّر خطه في هذا الموضع أيضًا.