للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالعمل بطاعة الله، سبيل (١) .

ثم أعلمهم تعالى ذكره أن ذلك اليوم = مع ارتفاع العمل الذي ينال به رضى الله أو الوصول إلى كرامته بالنفقة من الأموال، (٢) إذ كان لا مال هنالك يمكن إدراك ذلك به = يوم لا مخالة فيه نافعة كما كانت في الدنيا، فإن خليل الرجل في الدنيا قد كان ينفعه فيها بالنصرة له على من حاوله بمكروه وأراده بسوء، والمظاهرة له على ذلك. فآيسهم تعالى ذكره أيضا من ذلك، لأنه لا أحد يوم القيامة ينصر أحدا من الله، بل (الأخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ) كما قال الله تعالى ذكره، (٣) وأخبرهم أيضا أنهم يومئذ= مع فقدهم السبيل إلى ابتياع ما كان لهم إلى ابتياعه سبيل في الدنيا بالنفقة من أموالهم، والعمل بأبدانهم، وعدمهم النصراء من الخلان، والظهراء من الإخوان (٤) = لا شافع لهم يشفع عند الله كما كان ذلك لهم في الدنيا، فقد كان بعضهم يشفع في الدنيا لبعض بالقرابة والجوار والخلة، وغير ذلك من الأسباب، فبطل ذلك كله يومئذ، كما أخبر تعالى ذكره عن قيل أعدائه من أهل الجحيم في الآخرة إذا صاروا فيها: (فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ) [الشعراء: ١٠٠-١٠١]

* * *

وهذه الآية مخرجها في الشفاعة عام والمراد بها خاص، وإنما معناه:"من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة"، لأهل الكفر بالله، لأن أهل


(١) في المطبوعة والمخطوطة: "فيكون لهم إلى ابتياع ... " والصواب في هذا السياق: "لكم وقوله: "سبيل" اسم كان في"فيكون لكم إلى ابتياع ... ".
(٢) ارتفاع العمل: انقضاؤه وذهابه. يقال: "ارتفع الخصام بينهما"، و"ارتفع الخلاف" أي انقضى وذهب، فلم يبق ما يختلفان عليه أو يختصمان. وهو مجاز من"ارتفع الشيء ارتفاعا": إذا علا. وهذا معنى لم تقيده المعاجم، وهو عربى صحيح كثير الورود في كتب العلماء، ن وقد سلف في كلام أبي جعفر، وشرحته ولا أعرف موضعه الساعة.
(٣) هى آية"سورة الزخرف": ٦٧.
(٤) النصراء جمع نصير. والخلان جمع خليل: والظهراء جمع ظهير: وهو المعين الذي يقوى ظهرك ويشد أزرك.

<<  <  ج: ص:  >  >>