للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ربما أخذ السيف على أهله.

* * *

قال أبو جعفر: وإنما عنى تعالى ذكره بقوله:"لا تأخذه سنة ولا نوم" لا تحله الآفات، ولا تناله العاهات. وذلك أن"السنة" و"النوم"، معنيان يغمران فهم ذي الفهم، ويزيلان من أصاباه عن الحال التي كان عليها قبل أن يصيباه.

* * *

فتأويل الكلام، إذ كان الأمر على ما وصفنا:"الله لا إله إلا هو الحي" الذي لا يموت="القيوم" على كل ما هو دونه بالرزق والكلاءة والتدبير والتصريف من حال إلى حال="لا تأخذه سنة ولا نوم"، لا يغيره ما يغير غيره، ولا يزيله عما لم يزل عليه تنقل الأحوال وتصريف الليالي والأيام، بل هو الدائم على حال، والقيوم على جميع الأنام، لو نام كان مغلوبا مقهورا، لأن النوم غالب النائم قاهره، ولو وسن لكانت السموات والأرض وما فيهما دكا، لأن قيام جميع ذلك بتدبيره وقدرته، والنوم شاغل المدبر عن التدبير، والنعاس مانع المقدر عن التقدير بوسنه. (١) كما:

٥٧٧٩ - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر= قال: أخبرني الحكم بن أبان، (٢) عن عكرمة مولى ابن عباس في قوله:"لا يأخذه سنة ولا نوم" أن موسى سأل الملائكة: هل ينام الله؟ فأوحى الله إلى الملائكة، وأمرهم أن يؤرقوه ثلاثا فلا يتركوه ينام. ففعلوا، ثم أعطوه قارورتين فأمسكوه، ثم تركوه وحذروه أن يكسرهما. قال: فجعل ينعس وهما في يديه،


(١) في المطبوعة: "يمانع" بالياء في أوله، وهو خطأ لا خير فيه. وإنما أخطأ قراءة المخطوطة للفتحة على الميم، اتصلت بأولها.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة"وأخبرنى الحكم"، وكأن الصواب حذف الواو"أخبرنا معمر قال، أخبرنى الحكم بن أبان" كما أثبته فإن معمرا يروي عن الحكم بن أبان. انظر ترجمته في التهذيب، وكما جاء في ابن كثير ٢: ١١ على الصواب. وقال بمقبه: "وهو من أخبار بني إسرائيل، وهو مما يعلم أن موسى عليه السلام لا يخفى عليه مثل هذا من أمر الله عز وجل، وهو منزه عنه". وأصاب ابن كثير الحق، فإن أهل الكتاب ينسبون إلى أنبياء الله، ما لو تركوه لكان خيرا لهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>