للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله تعالى: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ}

قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"له ما في السموات وما في الأرض" أنه مالك جميع ذلك بغير شريك ولا نديد، وخالق جميعه دون كل آلهة ومعبود (١) .

وإنما يعنى بذلك أنه لا تنبغي العبادة لشيء سواه، لأن المملوك إنما هو طوع يد مالكه، وليس له خدمة غيره إلا بأمره. يقول: فجميع ما في السموات والأرض ملكي وخلقي، فلا ينبغي أن يعبد أحد من خلقي غيري وأنا مالكه، لأنه لا ينبغي للعبد أن يعبد غير مالكه، ولا يطيع سوى مولاه.

* * *

وأما قوله:"من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه" يعني بذلك: من ذا الذي يشفع لمماليكه إن أراد عقوبتهم، إلا أن يخليه، ويأذن له بالشفاعة لهم. (٢) وإنما قال ذلك تعالى ذكره لأن المشركين قالوا: ما نعبد أوثاننا هذه إلا ليقربونا إلى الله زلفى! (٣) فقال الله تعالى ذكره لهم: لي ما في السموات وما في الأرض مع السموات والأرض ملكا، فلا ينبغي العبادة لغيري، فلا تعبدوا الأوثان التي تزعمون أنها تقربكم مني زلفى، فإنها لا تنفعكم عندي ولا تغني عنكم شيئا، ولا يشفع عندي أحد لأحد إلا بتخليتي إياه والشفاعة لمن يشفع له، من رسلي وأوليائي وأهل طاعتي.

* * *


(١) انظر ما سلف في تفسير: "له ما في السموات ... "، ٢: ٥٣٧.
(٢) انظر معنى"شفع" فيما سلف ٢: ٣١ - ٣٣، وما سلف قريبا: ٣٨٢ - ٣٨٤. ومعنى"الإذن" فيما سلف ٢: ٤٤٩، ٤٥٠/ ثم٤: ٢٨٦، ٣٧٠/ ثم هذا ٣٥٢، ٣٥٥.
(٣) هذا تأويل آية"سورة الزمر": ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>