للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد يحتمل أن يكون أدخلتا عقيبا من"الهاء" المنوية في"الدين"، (١) فيكون معنى الكلام حينئذ: وهو العلي العظيم، لا إكراه في دينه، قد تبين الرشد من الغي. وكأن هذا القول أشبه بتأويل الآية عندي.

* * *

قال أبو جعفر: وأما قوله:"قد تبين الرشد"، فإنه مصدر من قول القائل:"رشدت فأنا أرشد رشدا ورشدا ورشادا"، وذلك إذا أصاب الحق والصواب (٢) .

* * *

وأما"الغي"، فإنه مصدر من قول القائل:"قد غوى فلان فهو يغوى غيا وغواية"، وبعض العرب يقول:"غوى فلان يغوى"، والذي عليه قراءة القرأة: (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى) [سورة النجم: ٢] بالفتح، وهي أفصح اللغتين، وذلك إذا عدا الحق وتجاوزه، فضل.

* * *

فتأويل الكلام إذا: قد وضح الحق من الباطل، واستبان لطالب الحق والرشاد وجه مطلبه، فتميز من الضلالة والغواية، فلا تكرهوا من أهل الكتابين= ومن أبحت لكم أخذ الجزية منه=، (٣) .

[أحدا] على دينكم، دين الحق، فإن من حاد عن الرشاد بعد استبانته له، فإلى ربه أمره، وهو ولي عقوبته في معاده.

* * *

القول في تأويل قوله: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ}

قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في معنى"الطاغوت".

فقال بعضهم: هو الشيطان.


(١) قوله: "عقيبا" أي بدلا وخلفا منه. أصله من العقيب: وهو كل شيء أعقب شيئا.
وعقيبك: هو الذي يعاقبك في العمل، يعمل مرة، وتعمل أنت مرة.
(٢) انظر ما سلف في معنى"رشد" ٣: ٤٨٤، ٤٨٥.
(٣) أي، فلا تكرهوا من أهل الكتاب ... أحدا على دينكم ... والزيادة مما يقتضيه السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>