للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أتيتهم اليوم رأيتهم في عمل لا يرضي الله، ولا يحبه الله، فقال النبي: على أي عمل رأيتهم؟ قال: يا نبي الله رأيتهم على عمل عظيم من سَخَط الله، فلو كانوا على مثل ما كانوا عليه قبل اليوم لم يشتدَّ عليهم غضبي، (١) . وصبرتُ لهم ورَجوتهم، ولكن غضبتُ اليوم لله ولك، (٢) . فأتيتك لأخبرك خبرهم، وإني أسألك بالله -الذي هو بعثك بالحق إلا ما دعوت عليهم ربّك أن يهلكهم. (٣) . فقال أرميا: يا مالك السماوات والأرض، (٤) . إن كانوا على حق وصواب فأبقهم، وإن كانوا على سخطك وعمل لا ترضاه، فأهلكهم! فلما خرجت الكلمة مِن فِيّ أرميا أرسل الله صاعقة من السماء في بيت المقدس، فالتهبَ مكان القُربان وخُسف بسبعة أبواب من أبوابها; فلما رأى ذلك أرميا صَاح وشق ثيابه، ونَبَذ الرَّماد على رأسه، فقال يا ملك السماء، ويا أرحم الراحمين، أين ميعادك الذي وعدتني؟ فنودي: أرميا، إنه لم يصبهم الذي أصابهم إلا بفُتياك التي أفتيتَ بها رسولنا، فاستيقن النبي أنها فتياه التي أفتى بها ثلاثَ مرات، وأنه رسول ربه، فطار إرميا حتى خالط الوحوش. = ودخل بخت نصر وجنوده بيت المقدس، فوطئ الشام، وقتل بني إسرائيل حتى أفناهم، وخرَّب بيت المقدس، ثم أمر جنوده أن يملأ كل رجل منهم ترسه ترابًا ثم يقذفه في بيت المقدس، فقذفوا فيه التراب حتى ملأوه، ثم انصرف راجعًا إلى أرض بابل، واحتمل معه سبايا بني إسرائيل، وأمرهم أن يجمعوا من كان في بيت المقدس كلهم، فاجتمع عنده كل صغير وكبير من بني إسرائيل، فاختار منهم سبعين ألف صبي; (٥) . فلما خرجت غنائم جنده، وأراد أن يقسمهم فيهم، قالت له الملوك الذين كانوا معه: أيها الملك، لك غنائمنا كلها، واقسم بيننا هؤلاء الصبيان الذين اخترتهم من بني إسرائيل! ففعل، فأصاب كل واحد منهم أربعةُ غلمة، وكان من أولئك الغلمان:"دانيال"، و"عزاريا"، و"ميشايل"، و"حنانيا". (٦) . وجعلهم بخت نصر ثلاث فرق: فثلثًا أقر بالشام، وثلثًا سَبَى، وثلثًا قتل. وذهب بآنية بيت المقدس حتى أقدمها بابل. (٧) . وبالصبيان السبعين الألف حتى أقدمهم بابل، (٨) . فكانت هذه الوقعةَ الأولى التي ذكر الله تعالى ذكره ببني إسرائيل، بإحداثهم وظلمهم. (٩) .

= فلما ولّى بخت نصر عنه راجعًا إلى بابل بمن معه من سبايا بني إسرائيل، أقبل أرميا على حمار له معه عصيرٌ من عنب في زُكْرَة وسَلَّة تين، (١٠) . حتى أتى إيليا، فلما وقف عليها، ورأى ما بها من الخراب دخله شك، فقال: أنّى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام وحماره وعصيرُه وسلة تينه عنده حيث أماته


(١) في المطبوعة وحدها: "ولو كانوا ... " بالواو لا بالفاء.
(٢) في المطبوعة وحدها: "ولكن غضبت ... ".
(٣) في المطبوعة وحدها: "الذي بعثك" بحذف"هو".
(٤) في المطبوعة وحدها: "يا مالك السموات ... ".
(٥) في المطبوعة: "تسعين ألف صبى"، وفي المخطوطة: "سبعين صبى" بإسقاط"ألف"، أما في التاريخ: "فاختار منهم مئة ألف صبى"، ولكنه عاد بعد ذلك فروي سيأتي: "وذهب بالصبيان السبعين الألف"، فأخشى أن يكون ما في التاريخ خطأ، صوابه"فاختار منهم سبعين ألف صبى من مئة ألف صبى".
(٦) "عزريا"، "ميشائيل"، "حننيا" هكذا رسم أسمائهم في"سفر دانيال" الإصحاح الأول. وكان في المطبوعة: "مسايل" وأثبت ما في المخطوطة والتاريخ. وفي التاريخ بعد هذا الموضع تعداد هؤلاء الغلمان من أسباط بني إسرائيل.
(٧) في المطبوعة وحدها: "بأسبية بيت المقدس"، وهو خطأ لا معنى له هنا.
(٨) في المطبوعة والمخطوطة: "التسعين الألف". وهو يخالف ما مضى من الخبر في المخطوطة كما أسلفنا في التعليق: ١، وأثبت ما في التاريخ.
(٩) في المطبوعة وحدها: "الواقعة الأولى التي ذكر الله ... "، ثم يلي ذلك في المخطوطة والمطبوعة" ... تعالى ذكره نبي الله بإحداثهم ... "، والصواب من التاريخ.
(١٠) الزكرة (بضم فسكون) : زق صغير من أدم يجعل فيه الشراب. وفي التاريخ"ركوة"، والصواب ما في التفسير، فإن"الركوة" (بكسر فسكون) : إناء صغير من جلد يشرب فيه الماء، هو كالكوب لا كالزق.

<<  <  ج: ص:  >  >>