للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله: {ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا}

قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: (١) . (ثم نكسوها) أي العظام (لحمًا) ، و"الهاء" التي في قوله: (ثم نكسوها لحمًا) من ذكر العظام.

* * *

ومعنى"نكسوها": نُلبسها ونُواريها به كما يواري جسدَ الإنسان كسوتُه التي يلبَسُها. وكذلك تفعل العرب، تجعل كل شيء غطَّى شيئًا وواراه، لباسًا له وكُسوة، (٢) . ومنه قول النابغة الجعدي: (٣) .

فَالْحَمْدُ للهِ إِذْ لَمْ يَأْتِنِي أَجَلِي ... حَتَّى اكْتَسَيْتُ مِنَ الإسْلامِ سِرْبَالا (٤)

فجعل الإسلام -إذ غطَّى الذي كان عليه فواراه وأذهبه- كُسوةً له وسِربالا.

* * *


(١) في المطبوعة والمخطوطة: "بذلك" مكان"بقوله"، وهو لا يستقيم.
(٢) انظر ما سلف في معنى"لباس" و"كسوة" ٣: ٤٨٩ -٤٩٢ / ثم هذا الجزء: ٤٤.
(٣) وينسب هذا البيت إلى"لبيد بن ربيعة العامري" وإلى"قردة بن نفاثة السلولي"، وقال ابن عبد البر في الاستيعاب: ٢٢٨: "وقد قال أكثر أهل الأخبار أن لبيدًا لم يقل شعرًا منذ أسلم.
وقال بعضهم: لم يقل في الإسلام إلا قوله: ... " وذكر البيت، ثم قال: وقد قيل إن هذا البيت لقردة بن نفاثة السلولى، وهو أصح عندي". ثم عاد في ص ٥٣٦، فذكر قردة بن نفائة السلولى فقال: "كان شاعرًا، قدم على رسوله الله صلى الله عليه وسلم في من بني سلول، فأمّره عليهم بعد أن أسلم وأسلموا، فأنشأ يقول: بَانَ الشَّبَابُ فَلَمْ أَحْفِلْ بِهِ بَالاَ ... وَأَقْبَلَ الشَّيْبُ والإِسْلاَمُ إِقْبَالاَ
وَقَدْ أُرَوِّي نَدِيمِي مِنْ مُشَعْشَعَةٍ ... وَقَدْ أُقَلِّبُ أَوْرَاكًا وَأَ كْفَالاَ
الْحَمْدُ لله. . . . . . . . . . . ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقد قيل إن البيت للبيد. قال أبو عبيدة: لم يقل لبيد في الإسلام غيره". وذكر ذلك أبو الفرج في أغانيه ١٤: ٩٤، وغيره. وانظر معجم الشعراء: ٣٣٨، ٣٣٩، والشعر والشعراء: ٢٣٢ والمعمرين ٦٦، وديوان لبيد، الزيادات: ٥٦. وغيرها كثير.
(٤) انظر التعليق السالف، وهذا البيت ثابت في قصيدة النابغة (في ديوانه: ٨٦) ، في هجائه ابن الحيا، والحيا أمه، واسمه سوار بن أوفي القشيري -وكان هجا الجعدي وسب أخواله من الأزد، وهم بأصبهان متجاورون، فقال في ذلك قصيدته التي أولها: إِمَّا تَرَي ظُلَلَ الأَيَّامِ قَدْ حَسَرَتْ ... عنِّي، وشَمَّرْتُ ذَيْلاً كَانَ ذَيَّالاَ
.

<<  <  ج: ص:  >  >>