للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثار إليه ليأخذه، (١) . قال: من أذن لك أن تدخل داري؟ قال ملك الموت: أذن لي رب هذه الدار، قال إبراهيم: صدقت! وعرف أنه ملك الموت. قال: من أنت؟ قال: أنا ملك الموت جئتك أبشِّرك بأن الله قد اتخذك خليلا! فحمد الله وقال: يا ملك الموت، أرني الصورة التي تقبض فيها أنفاسَ الكفار. قال: يا إبراهيم لا تطيق ذلك. قال: بلى. قال: فأعرِضْ! فأعرضَ إبراهيم ثم نظر إليه، فإذا هو برجل أسود تنال رأسه السماء يخرج من فيه لهب النار، ليس من شعرة في جسده إلا في صورة رجل أسود يخرج من فيه ومسامعه لهبُ النار. فغشي على إبراهيم، ثم أفاقَ وقد تحول ملك الموت في الصورة الأولى، فقال: يا ملك الموت، لو لم يلقَ الكافر عند الموت من البلاء والحزن إلا صورتَك لكفاه، فأرني كيف تقبض أنفاس المؤمنين؟ قال: فأعرض! فأعرض إبراهيم، ثم التفت، فإذا هو برجل شابّ أحسنِ الناس وجهًا وأطيبه ريحًا، (٢) . في ثياب بيض، فقال: يا ملك الموت، لو لم يكن للمؤمن عند ربّه من قرَّة العين والكرامة إلا صورتك هذه، لكان يكفيه.

فانطلق ملك الموت، وقام إبراهيم يدعو ربه يقول: رب أرني كيف تحيي الموتى حتى أعلم أني خليلك! قال: أولم تؤمن بأني خليلك؟ = يقول: تصدق = قال: بلى! ولكن ليطمئن قلبي بِخُلولتك. (٣) .


(١) في المطبوعة: "فلما جاء وجد في داره رجلا، فثار إليه ليأخذه قال"، وأثبت ما في المخطوطة.
(٢) من العربي المعرق، عود الضمير على الجمع مذكرًا مفردًا، كما جاء في الخبر، وكما جاء في خبر عمار بن ياسر (ابن سعد ٣ /١ /١٨٣) : " كان عمار بن ياسر من أطول الناس سكوتًا وأقله كلامًا" وكما في الحديث: "خبر النساء صوالح قريش، أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده"، وكقول ذي الرمة. وَمَيَّةُ أَحْسَنُ الثَّقَلَيْنِ جِيدًا ... وَسَالِفَةً، وَأَحْسَنُهُ قَذَالاَ.
(٣) الخلة (بضم وفتح اللام المشددة) والخلالة (بفتح الخاء وكسرها) والخلولة والخلالة (بضم الخاء) : الصداقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>