للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَفَائِفُ إِلا ذَاكَ أَوْ أَنْ يَصُورَهَا ... هَوًى، والْهَوَى للعَاشِقِينَ صَرُوعُ (١)

يعني بقوله:"أو أن يصورها هوى"، يميلها.

* * *

فمعنى قوله: (فصُرْهن إليك) اضممهن إليك ووجِّههن نحوك، كما يقال:"صُرْ وجهك إليّ"، أي أقبل به إليّ. ومن وَجَّه قوله: (فصرهن إليك) إلى هذا التأويل، كان في الكلام عنده متروك قد ترك ذكرُه استغناءً بدلالة الظاهر عليه. ويكون معناه حينئذ عنده: قال: (فخذ أربعةً من الطير فصرهن إليك) ، ثم قطعهن، (ثم اجعل على كل جبل منهن جزءًا) .

* * *

وقد يحتمل أن يكون معنى ذلك إذا قرئ كذلك بضم"الصاد": قطِّعهن، كما قال توبة بن الحميِّر:

فَلَمَّا جَذَبْتُ الحَبْلَ أَطَّتْ نُسُوعُهُ ... بِأَطْرَافِ عِيدَانٍ شَدِيدٍ أُسُورُهَا ...


(١) ديوانه: ١٥٢، وهو من أبيات جياد، قبله: إِذَا ذُكِرَتْ سَلْمَى لَهُ، فَكَأَنَّمَا ... تَغَلْغَلَ طِفْلٌ فِي الفُؤَادِ وَجِيعُ
وَإِذْ دَهْرُنَا فِيهِ اغْتِرَارٌ، وَطَيْرُنَا ... سَوَاكِنٌ فِي أَوْكَارِهِنَّ وُقُوعُ
قَضَتْ مِنْ عِيَافٍ وَالطَّرِيدَةِ حَاجَةً ... فَهُنَّ إلى لَهْوِ الحَدِيثِ خُضُوعُ
عَفَائِفُ إلاّ ذَاكَ. . . . . . ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَآلَيْتُ أَلْحَى عَاشِقًا مَا سَرَى القَطَا ... وَأَجْدَرَ من وادِي نَطَاةَ وَلِيعُ
قوله: "طفل"، أي من هم الهوى والحب، ينمو منذ كانوا أطفالا. وعياف، والطريدة، لعبتان من لعب صبيان الأعراب، فيقول: إن سلمى وأترابها، قد أدركن وكبرن، فترفعن عن لعب الصغار والأحداث، وحبب إليهن الحديث والغزل. فهن يخضعن له ويملن، ولكنهن عفيفات مسلمات، ليس لهن من نزوات الصبا إلا الأحاديث والغزل، وإلا أن يعطف قلوبهن الهوى والعشق، والهوى صروع قتال، يصرع من يلم به. فلما رأى ذلك منهز ومن نفسه، أقسم أن لا يلوم محبًّا على فرط عشقه. وقوله: "أجدر" أي أخرج الشجر ثمره كالحمص. والوليع: طلع النخل. ووادي نطاة: بخبير، وهو كثير النخل.

<<  <  ج: ص:  >  >>